اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 400
العامل من غير رشوة، و إن كان حلالا، فلا
يستحق ذلك، لأن له بالإمرة قوة على أن ينال من الحلال ما لا يناله غيره، فجعله
كالمضارب للمسلمين.
و لما دفع أبو موسى الأشعرى مالا من بيت المال، لعبد اللّه و عبيد
الله، ابنى عمر بن الخطاب بالبصرة، اشتريا منه بضاعة، فربحت بالمدينة، فأراد عمر
أن يأخذ جميع الربح، فراجعه عبيد الله، فحكم بينهم بنصف الربح، فأخذا جميعا نصف
الربح، و أخذ عمر النصف لبيت المال.
و كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله: أما بعد، فإنما هلك من كان
قبلكم، بمنعهم الحق حتى يشترى، و بسطهم الباطل حتى يفتدى، الملك بالدين يقوى، و
الدين بالملك يبقى.
و كان عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه، يأمر إذا قدم عليه العمال، أن
يدخلوا نهارا و لا يدخلوا ليلا، كى لا يحتجبوا شيئا من الأموال.
و قال عتاب بن أسيد[1]: و الله
ما أصبت فى عملى الذى ولّاني النبى صلى اللّه عليه و سلم إلا ثوبين معقّدين، كسوتهما
مولاى كيسان.
و روى أن عليّا رضى اللّه عنه، استعمل أبا مسعود الأنصارى[2] على السواد، فرجع إلى داره و قد
امتلأت، فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: كذلك يصنعون بالرجل إذا استعمل[3]،
قال: كل هؤلاء يريدون أن يأكلوا فى أمانتي؟- و يروى فى إمارتى؟- فرجع إلى علىّ رضي
اللّه عنه، و قال: لا حاجة لى فى العمل.
و قد ذكرنا أن النبى صلى اللّه عليه و سلم دعا عبد الرحمن بن سمرة[4] ليستعمله، فقال: يا رسول اللّه
اختر لى. قال اقعد فى بيتك.
[1] - عتّاب بن أسيد بن ابى العيص بن أمية بن عبد شمس،
استعمله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على مكة حين مخرجه إلى حنين سنة 8 ه. و
قد سبقت ترجمته.
[2] - أبو مسعود الأنصارى: هو عقبة بن عمرو بن ثعلبه
الأنصارى من الخزرج، صحابى شهد العقبة و غزوة أحد و ما بعدها، و نزل الكوفة، و كان
من أصحاب على رضى اللّه عنه فاستخلفه عليها لما سار إلى صفين و توفى بها سنة 40 ه(
الأعلام 4/ 240).
[4] - عبد الرحمن بن سمرة، صحابى من القادة الولاة،
أسلم يوم فتح مكة، و شهد غزوة مؤتة، سكن البصرة و افتتح سجستان و وليها ثم عاد إلى
البصرة و توفى فيها سنة 50 ه، سبقت ترجمته.
[5] - الرشوة: ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل. الرشا:
الحبل عموما أو حبل الدلو.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 400