اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 324
و لتدعوا لهم»[1]
و هذا حديث عظيم الموقع فى هذا الباب، فندفع إليهم ما طلبوا من الظلم، و لا
ننازعهم فيه، و نكف ألسنتنا عن سبّهم.
يا عبد الله، لا تجعل سلاحك على من ظلمك الدّعاء عليه، و لكن الثّقة
بالله، فلا محنة فوق محنة إبراهيم 7، لما جعلوه فى كفة المنجنيق[2] ليقذف به فى النار قال: «اللهم
إنك تعلم إيمانى بك، و عداوة قومى فيك، فانصرنى عليهم، و اكفنى كيدهم».
و قال مالك بن دينار[3]: وجدت فى
بعض الكتب، يقول الله تعالى: «إنى أنا الله، ملك الملوك، قلوب الملوك بيدى، فمن
أطاعنى جعلتهم عليه رحمة، و من عصانى جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسبّ
الملوك، و لكن توبوا إلى الله، أعطّفهم عليكم».
و فى بعض الكتب: (ابن آدم؛ تدعو على من ظلمك، و يدعو عليك من ظلمته،
فإن شئت أجبناك و أجبنا عليك، و إن شئت أخّرت الأمر إلى يوم القيامة، فيسعكم
العفو).
و قال سليمان بن داود 8: لا تجعل ملجأك فى الأعداء
المكافأة، و لكن الثقة بالله.
و روى أبو داود فى السنن قال: (سرقت ملحفة لعائشة رضى الله عنها،
فجعلت تدعو على من أخذها، فسمعها النبى صلى اللّه عليه و سلم، فقال: «لا تسبّخى
عنه»[4] يعنى: لا
تخفّفي عنه. فنهاها عن الدعاء على الظالم كما ترى.
فإذا قال المظلوم فى دعائه: «اللهم لا توفّقه» فقد دعا على نفسه، و
على سائر الرعيّة، لأنه من قلة توفيقه ظلمك، و لو كان موفّقا ما ظلمك، فإن استجيب
دعاؤك فيه، زاد ظلمه لك.
- و من الألفاظ المروية عن سلف هذه الأمة قولهم: (لو كانت عندنا دعوة
مستجابة، ما جعلناها إلا فى السلطان).
[1] - رواه أبو داود فى سننه عن ثابت بن الغصين برقم 1588
و بلفظ مشابه. و المقصود بالركب:
جامعوا الصدقات و الزكاة.
[2] - المنجنيق: آلة حربية يونانية كانوا يرمون بها
الحجارة على الأعداء.
[3] - مالك بن دينار البصرى: أبو يحيى من رواة الحديث،
كان ورعا يأكل من كسبه و يكتب المصاحف بالأجرة، توفى فى البصرة سنة 131 ه
[4] - رواه أبو داود فى العبادات( باب الدعاء على
العصاة برقم 1497 عن عائشة رضى الله عنها و رواه الإمام أحمد فى مسند 6/ 45، 136.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 324