اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 236
و روي أن الحجّاج بعث إلى المهلّب، يستعجله
حرب الأزارقة[1]، فكتب
إليه المهلب: إن من البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من لا يبصره.
\*\*\* فصل في النصيحة:
اعلموا: أنّ النّصح للمسلمين و الخلائق أجمعين من سنن المرسلين، قال
الله تعالى إخبارا عن نوح 7: وَ لا
يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ
يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ [هود: 34].
و قال 7: [إن العبد إذا نصح لسيده و أحسن عبادة ربه، كان
له أجره مرتين][2].
و روي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«إنّ الدين النصيحة، إنّ الدين النصيحة، إن الدين النصيحة، قيل لمن يا رسول الله؟
قال لله، و لكتابه، و لرسوله، و لأئمة المسلمين و عامّتهم»[3]
فالنّصح في الجملة: فعل الشيء الذي به الصّلاح و دفع الملامة، مأخوذ
من النّصاحة، و هي السّلوك التي يخاط بها، و تصغيرها نصيحة. تقول العرب:
هذا قميص منصوح- أي مخيط- و نصحته نصحا: إذا خطته.
و يختلف النّصح في الأشياء لاختلاف الأشياء، فالنصح لله: هو وصفه بما
هو أهله، و تنزيهه عمّا ليس بأهل له عقدا و قولا، و القيام بتعظيمه، و الخضوع له
ظاهرا أو باطنا، و الرغبة في محابّه، و التّباعد عن مساخطه، و موالاة من أطاعه، و
معاداة من عصاه، و الجهاد في ردّ العصاة إلى طاعته قولا و فعلا، و إرادة بثّ جميع
ما ذكرناه في عباده.
[1] - الأزارقة: فئة من الخوارج بقي المهلب بن أبي صفرة
يحاربهم لمدة تسعة عشر عاما إلى أن قضى عليهم، و الأزارقة نسبة إلى( نافع بن
الأزرق) و زعيمهم قطري بن الفجاءة و قد سبقت ترجمته.
[2] - الحديث: رواه الإمام مالك و الإمام أحمد و
البخاري و مسلم و أبو داود عن ابن عمر و الحديث صحيح( الجامع الصغير رقم 2063).
[3] - رواه الإمام أحمد و مسلم و أبو داود و النسائي عن
تميم الداري، و رواه الترمذي و النسائي عن أبي هريرة، و الحديث صحيح( الجامع
الصغير رقم 1968).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 236