responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 199

الباب الثالث و العشرون في العقل و الدهاء و الخبث‌[1]

قد ذكرت في كتاب الأسرار[2]، حقيقة العقل و أقسامه، و محلّه و أحكامه، بما لا مزيد عليه، و نذكر هاهنا منافعه و مداركه، و لباب ما تحرر من القول فيه: إنه الاستشهاد بالشاهد على الغائب، فمن كان في طوقه‌[3] أن يستدل بما شاهد على ما غاب عنه، كان معه عقل، و يسمى عاقلا عند الموحّدين، و به يتوجه التكليف عليه، و ذلك أن من نظر إلى قصر قد كمل بنيانه، و حصّنت أركانه، و جعلت فيه من الآلات ما يكتفي به ساكنوه، فأشرف عليه إنسان فرأى بيوتا مقطوعة[4]، و أبوابا منصوبة[5]، و فرشا مفروشة، و زرابي مبثوثة[6]، و موائد موضوعة[7]، و صحافا مصفوفة[8]، و أرائك منصوبة[9]، و حجلا مشدودة[10]، و طسوتا و أباريق، و بيوت ماء، و ميازيب‌[11] تصب الماء، و تحتها بلاليع لغيض‌[12] الماء، إلى سائر ما يستعده العقلاء للانتفاع، ثم فكر: هل هذا القصر بما حواه، صنعه قادر صانع عالم حي، أو اتفق لنفسه، و تركب على صورته بلا صانع؟ فيستقر في عقله بالضرورة، استحالة وجوده من غير صانع، و أنه مفتقر إلى صانع صنعه، و هذا علم يهجم على العقول، لا يفتقر إلى نظر و استدلال.

و إنما كثّرت لك هذه الأمثلة لأن ما في الإنسان من الأعضاء، و لطيف الصنعة و العجائب أكثر مما في القصر بأضعاف مضاعفة، فإذا نظر إلى ما في‌


[1] - في( خ):( المكر): بدل الخبث.

[2] - كتاب الأسرار: من الكتب التي ألفها أبو بكر الطرطوشي و قد أشار إليه في أكثر من موضع من هذا الكتاب.

[3] - أي في وسعه و استطاعته.

[4] - خاصة بأصحابها و لا نظير لها.

[5] - منصوبة: مقامة.

[6] - بسط فاخرة مفروشة بالمجالس.

[7] - موائد بين أيديهم يسهل تناولها عليهم.

[8] - موضوعة بعضها فوق بعض.

[9] - سرائر منجدة مزينة.

[10] - الحجلة: السترة المضروبة للعروس في جوف البيت.

[11] - مصارف للمياه.

[12] - قنوات لتصريف المياه في جوف الأرض.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست