responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 189

النصيحة، و التجرّع لمرارة قولهم، و لا ينبغى أن يحسد[1] إلا على حسن التدبير، و لا أن يكذب لأن أحدا لا يقدر على استكراهه، و لا أن يغضب، لأن الغضب و القدرة لقاح الشّرّ و النّدامة، و لا أن يبخل لأنه أقلّ النّاس خوفا من الفقر، و لا أن يحقد لأن قدره جلّ عن المجازاة.

و لا ينبغى للوالي أن يستعمل سيفه، فيما يكتفى فيه بالسوط، و لا سوطه فيما يكتفي فيه بالحبس، و لا حبسه فيما يكتفى فيه بالجفاء و الوعيد.

و قال معاوية[2]: إنى لا أضع سيفى حيث يكفينى سوطى، و لا سوطى حيث يكفينى لسانى، و لو أن بينى و بين الناس شعرة ما انقطعت، إذا مدوها خلّيتها، و إذا خلوّها مددتها.

و نحو ذلك قول الشعبى‌[3]: كان معاوية كالجمل الطّبّ، و الجمل الطّبّ هو الحاذق بالشي‌ء لا يضع يده إلّا حيث تبصر عينه.

و ينبغى له ان يعلّم رعيته، أنه لا يصاب خيره إلا بالمعونة له على الخير، و لا ينبغى له أن يدع تفقد لطيف أمور الرعية، اتّكالا على نظره فى جسيمها، فإن للطيف موقعا ينتفع به، و قد آتى الله تعالى ملك الدنيا سليمان بن داود 8، ثم تفقد الطير فقال: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ [النمل: 20] و لأن التّهاون باليسير أساس الوقوع فى الكبير.

و قد قال الشاعر:

لا تحقرنّ شبيبا

كم جرّ شرا شبيب‌[4]

و قالوا: أصل الأشياء كلها شي‌ء واحد.

و لا تدع مباشرة جسيم أمره، فللجسيم موضع إن غفل عنه تفاقم، و لا يلزم نفسه مباشرة الصغير أبدا فيضيع الكبير.

و قال زياد لحاجبه: ولّيتك حجابتى و عزلتك عن أربع: المؤذن للصلاة،


[1] - فى( خ) و لا ينبغى أن يحسد الولاة.

[2] - معاوية ابن أى سفيان مؤسس الدولة الأموية سبقت ترجمته.

[3] - الشّعبى: عامر بن شراحيل الشعبي الحميرى أبو عامر، راوية من التابعين، يضرب المثل بحفظه، ولد و نشأ و مات فجأة بالكوفة، و هو من رجال الحديث الثقات، كان فقيها، استقضاه عمر بن عبد العزيز، مات سنة 103 ه( الأعلام 3/ 251).

[4] - الشبيب: أول شبوب النار.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست