responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 18

و لما قتل الأفضل، ولي الأمر بعده أبو عبد اللّه المأمون البطائحي‌[1] فأفرج عن الشيخ و أكرمه، و عاد الطرطوشي إلى أهله و دروسه في الإسكندرية، و في هذه الأثناء عكف على تأليف هذا الكتاب الذي بين أيدينا (سراج الملوك) ليقدمه هدية للأمير الجديد، كما ذكر ذلك في مقدمته.


[1] - المأمون أبو عبد اللّه البطائحي: هو المأمون أبو عبد اللّه محمد بن أبي شجاع فاتك بن أبي الحسن مختار، المعروف بالبطائحي، وزير الدولة المصرية و الدولة العبيدية، على عهد الملك الآمر بأحكام اللّه الفاطمي.

و هو الذي أهدى إليه أبو بكر الطرطوشي هذا الكتاب، قال في خطبة الكتاب:« و لما رأيت الأجل المأمون، تاج الخلافة، عز الإسلام، فخر الأنام، نظام الدين، خالصة أمير المؤمنين أبا عبد اللّه محمد الآمري( نسبة إلى الآمر بأحكام اللّه الفاطمي) أدام اللّه لإعزاز الدين نصره، و أنفذ في العالمين بالحق أمره ... فقد تفضّل اللّه تعالى به على المسلمين، و تقلّد أمور الرعية ... رغبت أن أخصّه بهذا الكتاب، رجاء لطف اللّه تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً[ آل عمران: 30» انتهى كلامه.

و أما ما كان من قصة هذا الرجل: فإن أباه كان جاسوسا للمصريين في العراق، حيث كان يجي‌ء بالأخبار للوزير الأفضل بن أمير الجيوش المصرية( أحمد بن بدر الجمالي) الذي وطّد دعائم ملك الآمر بأحكام الله، و لما مات والده و لم يخلف شيئا و تزوجت أمه، عاش المأمون فقيرا صعلوكا فعمل حمالا في السوق بمصر و دخل ذات مرة دار الأفضل مع الحمّالين، فرآه الأفضل رشيقا حسن الحركة حلو الكلام، فأعجب به و سأل عنه، فقيل له هو ابن فلان، فاستخدمه الأفضل مع الفرّاشين، ثم أخذ يتقدم و يتميز حتى علت منزلته و ارتفع قدره، حتى أصبح وزيرا له.

و لمّا فسد الأمر بين الآمر بأحكام اللّه و بين وزيره الأفضل، و أراد وضع حد لحياته و فكّر في قتله، أشار عليه جلساؤه أن يغري البطائحي بتدبير أمر قتله إذا ركب، و توليته مكانه، و هكذا تمّ تدبير الأمر و قتل الأفضل في رمضان سنة 515 ه، و تولى البطائحي الأمر بعده، و لقّب بالمأمون، فحكم البلاد و تحكّم في العباد. و من صفاته أنه كان كريما جوادا بالأموال شهما مقداما، و سار على نهج الأفضل في ترك معارضة أهل السنة في اعتقادهم، و أكمل بناء جامع النيل الذي كان الأفضل قد شرع في عمارته قبل قتله.

و لكنه لمّا جرى على سنن الأفضل في الاستبداد و سفك الدماء، كثر الغمازون حوله و ازدادت السعاية فيه عند الآمر بأحكام اللّه، حتى توغر صدره عليه فقبض عليه و أمر بقتله و صلبه، فقتل في رمضان عام 519 ه و صلب بظاهر القاهرة، و قتل معه خمسة من إخوته، و قد ذكر ابن الأثير- في كتاب الكامل- سبب قتله فقال:[ و أما سبب قتله: فإنه كان قد أرسل الأمير جعفر أخا الأمير ليقتل الآمر بأحكام اللّه و يجعله خليفة، و تقررت القاعدة بينهما على ذلك، فسمع بذلك أبو الحسن بن أبي أسامة، و كان خصيصا بالآمر قريبا منه، و كان قد ناله من الوزير أذى و اطّراح، فحضر عند الآمر و أعلمه الحال، فقبض عليه و صلبه، و هذا جزاء من قابل الإساءة بالإحسان‌]-( انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان ج 5 ص 299، و الكامل لابن الأثير ج 10 ص 519- 629، و تاريخ ابن خلدون ج 4 ص 147- 149، و سير أعلام النبلاء ج 9 ص 553).

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست