اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 49
اللّه عليه و آله و سلّم: «سلامة الإنسان من
قبل اللّسان»[1] و كفّ
عينيه عن الخيانة و النّظر إلى الحرام و كذا كفّ أذنيه و يديه و رجليه كما قال
رسول اللّه 6: «العينان تزنيان ...»[2]
الحديث، و يحصل من كلّ زنى من هذه الأعضاء شخص قبيح في صورة خبيثة يقوم معه يوم
القيامة، و يشهد عليه عند اللّه تعالى، و يأخذ صاحبه فيعذّبه في النّار، فإذا تاب
منه و حبس نفسه- كما قال اللّه تعالى: ... وَ نَهَى النَّفْسَ
عَنِ الْهَوى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (41)
[النّازعات: الآيتان 40، 41] تبدّل صورته الخبيثة إلى صورة أمرد مليح، و يأخذ
صاحبه إلى الجنّة، و ينجو من شرّه، فكأن الخلوة حصّنته من المعاصي، فيبقى عمله
صالحا، و يكون محسنا كما قال اللّه تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا
يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [التّوبة: الآية 120]، و قال
اللّه تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ
الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: الآية 56]، و قال اللّه تعالى: ... فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً
...
[الكهف: الآية 110].
و أمّا الخلوة الباطنة: أن لا يدخل في قلبه من التفكّرات النّفسانيّة
و الشّيطانيّة مثل محبّة المأكولات و المشروبات، و مثل محبّة الأهل و العيال، و
مثل محبّة الحيوانات و الرّياء و السّمعة و الشّهرة كما قال رسول اللّه 6: «الشّهرة آفة و كلّ يتمنّاها، و الخمول راحة و كلّ يتوقّاها»[3] و لا يدخل في قلبه باختياره مثل
الكبر و العجب و البخل و غير ذلك من الذّمائم، فإذا دخل في قلب الخلوتي من هذه
الذّمائم فسدت خلوته و قلبه، و فسد ما في قلبه من الأعمال الصّالحة و الإحسان،
فبقي القلب بلا منفعة كما قال اللّه تعالى: ... إِنَّ
اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ
[يونس: الآية 81]، فكلّ من كان فيه من هذه المفسدات فهو من المفسدين، و إن كان في
الظّاهر صورة الصّالحين كما قال رسول اللّه 6: «الغضب
يفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل»[4]. و كذلك
قال النّبيّ 6:
«الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب»[5].
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
[1] - لم أقف عليه، و انظر: الصمت لابن أبي الدنيا( ص
10، 13).