اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 14
غيره، بل إذا نام الجسد وجد القلب فرصة
فيذهب إلى وطنه الأصلي إمّا بكلّيّته، أو بجزئيته- كما قال اللّه تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ
فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ
الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى [الزّمر: الآية 42] و لذلك قال
رسول اللّه 6: «نوم العالم خير من عبادة الجاهل»[1]- بعد حياة القلب بنور التّوحيد، و
ملازمة أسماء التّوحيد بلسان السّر بغير حروف و لا صوت كما قال اللّه تعالى في
الحديث القدسيّ: «الإنسان سرّي و أنا سرّه»[2]،
و قال اللّه تعالى في الحديث القدسيّ: «إنّ علم الباطن هو سرّ من سرّي، أجعله في
قلب عبدي، و لا يقف عليه أحد غيري»[3].
و المراد من وجود الإنسان هو علم التّفكّر كما قال رسول اللّه 6: «تفكّر ساعة خير من عبادة سبعين سنة». و هو علم الفرقان
هو التّوحيد، و به يصل العارف إلى معروفه و محبوبه و نتيجة علم العارف الطّيران بالرّوحانيّة
إلى عالم القربة. فالعارف طيّار إلى القربة و العابد سيّار إلى الجنّة.
قال بعضهم في حقّه: [الوافر]
قلوب
العارفين لها عيون
ترى
ما لا يراه النّاظرون
و
أجنحة تطير بغير ريش
إلى
ملكوت ربّ العالمين
فهذا الطّيران في باطن العارف هو الإنسان الحقيقيّ، و هو حبيب اللّه
عزّ و جلّ و محرمه و عروسه كما قال أبو يزيد البسطاميّ ; تعالى: «أولياء
اللّه هم عرائسه، لا يرى العرائس إلّا المحارم، فهم مخدرون عنده في حجاب الأنس، و
لا يراهم أحد في الدّنيا و لا في الآخرة» غير اللّه تعالى كما قال اللّه تعالى في
الحديث القدسيّ: «أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري»[4]
و لا يرى النّاس في الظّاهر من العروس إلّا ظاهر زينتها.
قال يحيى بن معاذ الرّازيّ ; تعالى: «الوليّ ريحان اللّه
تعالى في أرضه، يشمّه الصّدّيقون، فتصل رائحته إلى قلوبهم؛ فيشتاقون به إلى
مولاهم، و تزداد عبادتهم على تفاوت أخلاقهم»، بحسب الفناء؛ لأنّ زيادة القربة
بزيادة فناء الفاني.