responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 129

المقالة الخامسة و الستون في النهي عن التسخط على اللّه في تأخير إجابة الدعاء

قال رضي اللّه عنه و أرضاه: ما هذا التسخط على ربك عزّ و جلّ من تأخير إجابة الدعاء؟ تقول حرم على السؤال للخلق و أوجب على السؤال و أنا أدعوه و هو لا يجيبني فيقال لك أحر أنت أم عبد فإن قلت: أنا حر فأنت كافر و إن قلت: أنا عبد للّه، فيقال لك: أمتهم أنت لوليك في تأخير إجابة دعائك و شاك في حكمته و رحمته بك و بجميع خلقه و علمه بأحوالهم أو غير متهم له عزّ و جلّ؟ فإن كنت غير متهم له و مقر بحكمته و إرادته و مصلحته لك و تأخير ذلك فعليك بالشكر له عزّ و جلّ، لأنه اختار لك الأصلح و النعمة و دفع الفساد، و إن كنت متهما له في ذلك فأنت كافر بتهمتك له، لأنك بذلك نسبت له الظلم و هو ليس بظلام للعبيد، لا يقبل الظلم و يستحيل عليه أن يظلم إذ هو مالكك و مالك كل شي‌ء، فلا يطلق عليه اسم الظلم، و إنما الظالم من يتصرف في ملك غيره بغير إذنه فانسد عليك سبيل التسخط عليه في فعله فيك بما يخالف طبعك و شهوة نفسك و إن كان في الظاهر مفسدة لك.

فعليك بالشكر و الصبر و الموافقة، و ترك التسخط و التهمة و القيام مع رعونة النفس و هواها الذي يضل عن سبيل اللّه.

و عليك بدوام الدعاء و صدق الالتجاء، و حسن الظن بربك عزّ و جلّ، و انتظار الفرج منه، و التصديق بوعده، و الحياء منه، و الموافقة لأمره، و حفظ توحيده و المسارعة إلى أداء أوامره، و التماوت عن نزول قدره بك و بفعله فيك، و إن كان لا بد أن تتهم و تسي‌ء الظن فنفسك الأمارة بالسوء العاصية لربها عزّ و جلّ أولى بهما، و نسبتك الظلم إليها أحرى من مولاك. فاحذر موافقتها و موالاتها، و الرضى بفعلها و كلامها في الأحوال كلها، لأنها عدوة اللّه و عدوتك، و موالية لعدو اللّه و عدوك الشيطان الرجيم، هي خليلته و جاسوسته و مصافيته، اللّه اللّه ثم اللّه، الحذر الحذر النجا النجا، اتهمها و أنسب الظلم إليها و اقرأ عليها قوله عزّ و جلّ: ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ‌ [النّساء: الآية 147]، و قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‌ (44) [يونس: الآية 44] و غيرها من الآيات و الأخبار.

اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست