اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 115
قدره و قضائه و إجابة الخلق و طاعتهم، و
الإعراض عن أمر اللّه عزّ و جلّ و طاعته. قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «لا
طاعة لمخلوق في معصية الخالق»[1].
المقالة التاسعة و الأربعون في ذمّ النوم
قال رضي اللّه عنه و أرضاه: من اختار النوم على الذي هو سبب اليقظة
فقد اختار الأنقص و الأدنى و اللحوق بالموت و الغفلة عن جميع المصالح، لأن النوم
أخو الموت و لهذا لا يجوز النوم على اللّه لما انتفى عزّ و جلّ عن النقائص أجمع، و
كذلك الملائكة لما قربوا منه عزّ و جلّ نفى النوم عنهم، و كذلك أهل الجنة لما
كانوا في أرفع المواضع و أطهرها و أنفسها و أكرمها نفى النوم عنهم لكونه نقصا في
حالتهم، فالخير كل الخير في اليقظة، و الشر كل الشر في النوم و الغفلة، فمن أكل
بهواه أكل كثيرا فشرب كثيرا فنام كثيرا فندم كثيرا طويلا و فاته خير كثير، و من أكل
قليلا من الحرام كان كمن أكل كثيرا من المباح بهواه، لأن الحرام يغطي الإيمان و
يظلمه كالخمر يظلم العقل و يغطيه، فإذا أظلم الإيمان فلا صلاة و لا عبادة و لا
إخلاص، و من أكل من الحلال كثيرا بالأمر كان كمن أكل منه قليلا في النشاط في
العبادة و القوة، فالحلال نور في نور، و الحرام ظلمة في ظلمة، لا خير فيه. أكل
الحلال بهواه بغير الأمر، و أكل الحرام مستجلبان للنوم، فلا خير فيه.
المقالة الخمسون في علامة دفع العبد عن اللّه تعالى، و بيان كيفية
التقرب منه تعالى
قال رضي اللّه عنه و أرضاه: لا يخلو أمرك من قسمين:
إما أن تكون غائبا عن القرب من اللّه أو قريبا منه و أصلا إليه، فإن
كنت غائبا عنه فما قعودك و توانيك عن الحظ الأوفر و النعيم و العز الدائم و
الكفاية الكبرى و السلامة و الغنى و الدلال في الدنيا و الأخرى؟ فقم و أسرع في
الطيران إليه عزّ و جلّ بجناحين: أحدهما: ترك اللذات و الشهوات الحرام منها و
المباح و الراحات أجمع.
و الآخر احتمال الأذى و المكاره و ركوب العزيمة و الأشد، و الخروج من
الخلق و الهوى و الإرادات و المنى دنيا و أخرى حتى تظفر بالوصول و القرب، فتجد عند
ذلك جميع ما
[1] - رواه الترمذي( 4/ 209)، و أحمد في المسند( 1/
131).
اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 115