responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 11

و بعد حياة القلب يحصل بلسان الجنان، و تسميه المتصوفة: طفل المعاني؛ لأنّه من المعنويات القدسيّة و تسميته طفلا لنكات:

أحدها: أنّ تولّده من القلب كتولّد الطّفل من الأمّ فيربيّه القلب كتربية الأمّ الولد فيكبر قليلا قليلا إلى البلوغ.

و الثّانية: أنّ تعليم العلم للأطفال غالب؛ فتعليم علم المعرفة لهذا الطّفل أيضا غالب.

و الثالثة: أنّ الطّفل مطهّر من أدناس الذّنوب، فهذا أيضا مطهّر من دنس الشّرك و الغفلة و الجسمانيّة.

و الرّابعة: أنّ الأكثر في الرّوح يرى في هذه الصّورة الصّافية للولد؛ و لذلك يرى في المنامات على صورة المرد كالملائكة.

و الخامسة: أنّ اللّه تعالى وصف أبناء جنّته بالطّفليّة بقوله تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ‌ (17) [الواقعة: الآية 17]، و بقوله تعالى: ... غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ‌ [الطّور: الآية 24].

و السّادسة: أنّ هذا الاسم كان له باعتبار لطافته و نظافته.

و السّابعة: أنّ إطلاقه على سبيل المجاز باعتبار تعلّقه بالبدن، و تمثيله بصورة البشر بناء على أنّ إطلاقه عليه لأجل ملاحته لا لأجل استصغاره، و بالنّظر إلى بداية حاله، و هو الإنسان الحقيقيّ؛ لأنّ له أنسيّة مع اللّه تعالى.

فالجسم و الجسمانيّ ليس محرما له لقوله 6: «لي مع اللّه وقت لا يسع فيه ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل».

و المراد من النّبيّ المرسل بشريّة النّبيّ. و من الملك المقرّب روحانيّته الّتي خلقت من نور الجبروت، كما أنّ الملك من نور الجبروت فلا يدخل في نور اللّاهوت. و قال رسول اللّه 6: «إن للّه جنّة لا فيها حور و لا قصور و لا جنان و لا عسل و لا لبن»، بل ينظر إلى وجه اللّه تعالى كما قال اللّه تعالى:

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) إِلى‌ رَبِّها ناظِرَةٌ (23) [القيامة: الآيتان 22، 23] و كما قال رسول اللّه 6: «سترون ربّكم كما ترون القمر ليلة البدر»[1] و لو دخل الملك و الجسمانيّة في هذه العالم لاحترقا كما قال اللّه تعالى في الحديث القدسيّ:


[1] - رواه البخاري( 1/ 203، 209)،( 4/ 1836)، و مسلم( 1/ 429).

اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 11
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست