الشوق، و في كيانه تتوقّد نيران العشق، و
تذيب فؤاده حرق الفراق و الهجران، و لا يعلم عن هذا البركان المتفجّر في أعماقه
أحد سوى الله، ولكن من ينظر إلى وجهه يعلم إجمالًا أنَّ عشق الله و عبادة الحقّ و
التوجّه إلى الحضرة المقدّسة قد فعل به ما فعل.
من هذا البيان يُعلم أنَّ التضرّع و المناجاة و الإبتهال الذي كان
للأئمّة الأطهار- كما ورد في أدعيتهم المأثورة- لم يكن تصنّعاً، أو لأجل إرشاد
الناس و تعليمهم، فهذا التوهّم ناشئ من الجهل و عدم إدراك الحقائق، لأنَّ شأنهم
: أجلُّ و مقامهم أشرف من أن يظهروا بيانات دون أن يكون لها معنى أو
حقيقة، أو يدعوا الناس إلى الله بالأدعية و المناجاة الكاذبة، فهل يمكن القول إنَّ
كلّ هذا الأنين و التضرّع و الهيام لمولى الموالي أميرالمؤمنين و الإمام السجّاد
8 لم تكن في الواقع حقيقيّة بل كان فيها شيء من التصنّع أو التعليم؟
حاشا و كلّا، فهذه الطائفة من أئمّة الدين سلام الله عليهم باعتبارها اجتازت مراتب
السلوك، و دخلت حرم الله و وصلت إلى مقام البقاء بعد الفناء الذي هو مقام البقاء
بالمعبود، فحالهم جامع بين عالمي الوحدة و الكثرة، و يراعون نور الأحديّة على
الدوام في مظاهر عوالم الإمكان و الكثرات الملكيّة و الملكوتيّة، و لامتلاكهم
: