يعيش الإنسان المادّيّ في صحراء المادّيّة المظلمة غارقاً في بحر
الشهوات و الكثرات اللامتناهية، و وسط أمواج العلائق المادّيّة التي تتقاذفه من
كلّ جانب و في كلّ آن، فما أن يفيق من لطمات الأمواج و صدماتها حتّى تأتي أمواجٌ
أعتى و قد نبعت من التعلّق بالمال و الثروة و النساء و الأولاد، فتصفعه الأمواج
على وجهه صفعات متوالية حتّى يغوص في قعرها، و يغرق في ذلك اليَمّ العميق المهول
بحيث لن تسمع بعد ذلك استغاثاته و صرخاته للنجدة.
لا يلتفت إلى جهة إلّا و وجد الحرمان و الحسرة اللتين هما من الآثار
و اللوازم التي لا تفارق المادّة القابلة للفساد تهدّدانهو ترعبانه.
السير و السلوك في اصطلاح العرفاء
و في هذا الخضم قد يلاطفه نسيم عليل باسم الجذبة، و يجد و كأنَّ هذا
النسيم العطوف الودود يسحبه جانباً و يسوقه إلى مقصد ما، إلّا أنَّ هذا النسيم لا
يدوم هبوبه، فهو يهبّ من حين إلى آخر.
[1] - يقول:« و قد أذهلني شعاع ضوء الله الذي فتق صفاتي
من خمرة التجلّي».