الدرجة الرابعة، و هي أعلى و أكمل من سابقتها، و هي أن يرى بنفسه
حضور الله تعالى و نظره إليه، و بتعبير مجمل يشاهد الجمال الإلهيّ، و في وصيّة
الرسول الأكرم صلّى الله عليه و آله إلى أبي ذرّ إشارة إلى هاتين المرتبتين
الأخيرتين من المراقبة:
اعْبُدِ الله كَأنَّكَ تَرَاهُ، فَإنْ لم تَكُنْ تَرَاهُ فَإنَّهُ
يَرَاكَ.
و على هذا، فإنَّ العبادة في المرحلة التي يراه الله فيها هي أدنى من
المرتبة التي يرى هو الله فيها.
عند ما يصل السالك إلى هذه المرتبة ينبغي عليه طرد كلّ ما سوى الله
عن ذهنه و أن يقوم بنفي الخواطر ضمن أحد الأعمال العباديّة، و لا يجوز في الشرع
المقدّس أن يتوجّه إلى صخرة أو خشبة، فماذا سيكون جوابه إذا أدركه الموت في هذه
اللحظات من التوجّه؟
أمّا نفي الخواطر عن طريق سلاح الذكر فهو عبادة و ممدوح من قبل
الشرع، و أفضل طرقه التوجّه إلى النفس، فهو أسرع الطرق للوصول إلى المقصد، لأنَّ
التوجّه إلى النفس ممدوح و مقبول من الشرع المقدّس، و الآية الكريمة:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا
يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا