و لتوضيح هذه المسألة نذكر بأنَّ الذي يتحقّق في عالم الخلقة إنَّما
منشأه الصفات و الأسماء الإلهيّة، و حقيقة الإمام هي أسماء الله و صفاته، و لهذا
قالوا :: إنَّ دائرة عالم الوجود و الأفلاك و جميع الكائنات تتحرّك
بأيدينا، و ما يحدث إنّما يحدث بإذننا: بِنَا عُرِفَ
الله،، بِنَا عُبِدَ الله. إذن فالسالك في حال السير
إنّما يسير في المراتب النورانيّة للإمام، و كلما ارتقى درجة أو مرتبة فإنَّ هذه
الدرجة أو المرتبة هي في متناول يد الإمام الذي يرافقه في تلك الدرجة أو المرتبة.
و كذلك بعد الوصول أيضاً، فإنَّ مرافقة الإمام لازمة، لأنَّ لدولة
اللاهوت آداباً يجب أن يعلمها الإمام للسالك. فمرافقة الإمام في جميع الحالات من
الشروط المهمّة، بل من أهمّ شروط السلوك، و هنا ملاحظات- مهمّة لن يتيسّر بيانها-
على السالك أن يدرك حقائقها بواسطة الذوق.
ذهب محيي الدين بن عربي يوماً إلى استاذه وشكا إليه كثرة الظلم و
العصيان، فقال له: «توجّه إلى ربّك، ثمّ ذهب بعد مدّة إلى استاذ آخر وشكا إليه
الظلم و شيوع المعاصي، فقال الاستاذ: توجّه إلى نفسك. و عندما سمع ذلك بدأ بالبكاء
ملتمساً من الاستاذ