و مِن النّاس: مَن يدّعي علم المعرفة، و المشاهدة المعبود، و مجاورة
المقام المحمود، و الملازمة في عين الشّهود، و لا يعرف من هذه الأمور إلّاالأسماء،
ولكنّه يلقف من الطّامات كلمات يردّدها لدى الأغبياء، كأنّه يتكلّم عن الوحي، و
يخبر عن السّماء. ينظر إلى أصناف العباد و العلماء بعين الإزدراء. يقول في
العبّاد: إنّهم أجراء متعبون، و في العلماء: إنّهم بالحديث عن اللَّه محجوبون[2] و يدّعي لنفسه من الكرامات ما
لايدّعيه نبيّ مقرّب. لا علماً أحكم، و لا عملًا هذّب. يأتي إليه الرّعاع الهمج «مِنْ كُلِّ فَجٍّ»[3]، أكثر من إتيانهم مكّة[4] للحجّ.
يزدحم عليه الجمع، و يلقون إليه السّمع. و ربّما يخرّون له سجوداً،
كأنّهم اتّخذوه معبوداً. يقبّلون يديه، و يتهافتون على قدميه. يأذن لهم في
الشّهوات، و يرخّص لهم في الشّبهات. يأكل و يأكلون كما تأكل الأنعام، و لايبالون أ
مِن حلال أصابوا أم مِن[5] حرام؟ و
«هو لحلوائهم هاضم، و لدينه و أديانهم[6]
حاطم»[7]،