اسم الکتاب : سفينة النجاة و الكلمات الطريفة المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 1 صفحة : 59
إنّما يرد على ظاهر كلامهم؛ دون مقصدهم و
مرامهم، «فلا ردّ[1] على
الرمز».[2]
بلى، إنّ علومهم لم تكن بالغة إلى الغاية، و لا عقولهم واصلة إلى
النّهاية، بل بقي عليهم من العلم باللَّه و اليوم الآخر- ممّا هو وراء طور العقل-
أشياء أتممها الرسل و الأنبياء، و إنّما وصل إليها من هذه الأمّة المرحومة من هو
منهم قريب؛ و «اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ
مَنْ يُنِيبُ»[3].
تجهيل مَن ينظر من غير تهذيب و يتفلسف من دون تزكية و تنوير
و مِن النّاس مَن خلط الفلسفة بالكلام، و مزج البرهان بالجدل. لم
يحكم علماً- قطّ- و لم يأت بخير في عمل. تراه مرّةً برهانيّاً، و مرّةً جدليّاً، و
تجده تارةً أشعريّاً، و تارةً معتزليّاً. يأخذ من هذا ضغثاً و من ذاك آخر. يأتي
مرّةً بالمعروف، و أخرى بالمنكر. ينظر بعقله في أسرار الدّين، من غير تهذيب نفس و
تطهير، و يتفلسف بفكره في المجادلين، من دون تزكية قلب و تنوير، ثمّ يصحّح بنظره
اعتقاده، و على تحذيقه يكون اعتماده، و إلى آرائه في الدّين استناده. يميل حيثما
مال هواه، و لعلّه يزعم أنّه ليس على وجه الأرض عالم سواه. يقول: قد حقّقت في علم
الواجب بأبكار أفكاري ما لم يفهمه أحد قبلي إلى الآن، و تحقّقت