اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 55
أقول: الحقيقة مشاهدة وحدة الوجود المطلق
للّه تبارك و تعالى، و هي على ضربين:
1- مشاهدة الوحدة الصرفة، و هي الحقيقة الناقصة، المسمّاة بعين
اليقين.
2- و مشاهدة الوحدة مع الكثرة، و هي الحقيقة الكاملة، المعبّر عنها
بحقّ اليقين.
فقوله: (الدخول في الحقيقة)، أي الكاملة، (بالخروج من الحقيقة)، أي
الناقصة. و قوله: (الخروج من الحقيقة)، أي الناقصة، (بالدخول في الحقيقة)، أي
الكاملة.
و ظاهر الكلام يوهم الدور، و الكشف عن باطنه يزيل الوهم؛ و ذلك أنّ
قائله يريد أن يبيّن أنّ الخروج من الحقيقة الأولى ليس بالانفصال عنها، بل
بالاتصال بحقيقة أخرى، و هذا المقام يحتاج إلى البسط في الكلام، فنقول: إنّ
الموحّد في بداية التوحيد يثبت الوحدة الصرفة للّه سبحانه، فلا يرى الخلق مع
الحقّ، و في ذلك إسقاط العبوديّة و الربوبيّة، و هو نقصان في الحقيقة، و كمالها أن
يرى الكثرة مع الوحدة، و الخلق مع الحقّ؛ ليؤدّي حقّ الربوبيّة بالعبوديّة، و هذا
في النهاية.
فمن أراد اللّه عزّ و جلّ به الدخول في هذه الحقيقة، أخرجه من
الحقيقة الأولى بإدخاله في الحقيقة الثانية؛ لإبعاده عن الأولى، و الصوفيّة يسمّون
الأولى «مقام الجمع»[1]، و الثانية
«مقام جمع الجمع»[2]، و يقولون:
الجمع بلا تفرقة زندقة، و التفرقة بلا جمع تعطيل، و الجمع مع التفرقة توحيد.
و قال: (الحقيقة رسم، و الرسم للرسم رسم).
أقول: الرسم خلاف الحقيقة، فكما أنّ الحقيقة مشاهدة الوحدة، فالرسم
مشاهدة الكثرة، و قوله: (الحقيقة رسم)، أراد به الحقيقة الناقصة؛ لأنّها مضافة
[1] - الجمع: هو حق بلا خلق، و هو الاشتغال بشهود اللّه
عمّا سواه تعالى، و هو شهود الوحدة في الكثرة.
[2] - جمع الجمع: شهود الخلق قائما بالحق، و يسمى الفرق
بعد الجمع.
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 55