اسم الکتاب : نور الحقيقة ونور الحديقة في علم الأخلاق المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 54
نارك، و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (1).
و هذه عبادة
المحبين. قال اللّه تعالى: «وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا
لِلَّهِ».[1]
ثم كلّما ازداد
حبّا للّه، ازداد في العمل و الخضوع و الخشوع.
و ثانيها:
الرغبه في ثواب اللّه عز و جل الذي وعد به.
و ثالثها:
الرهبة من عقابة الذي أوعد به.
اما الداعي
الاول: فهو داعي المقربين الاخيار المنزهين عن شوائب الكدورات النفسيّة و
الطبعيّة، فهذه المرتبة من أعلى المراتب و أشرفها، لان الداعي اليها أشرف الدواعي،
أعني علّة العلل «عز و جل».
و أما الداعي
الثانى: فهو داعي المتقين الراغبين و هو دون الاول في الرتبة بكثير، حتى أن أصحاب
الرتبة الاولى يجعلون هذا و الذي بعده شركا باللّه تعالى، لانه لم يعبد عبادة
مخلصة، بل مشوبة بالرغبة أو الرهبة، و يجعلون معنى الاخلاص في قوله تعالى: «وَ ما
أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ»[2] قطع النظر عن كل ما
سواه.
و من ثم قيل:
حسنات الابرار سيئات المقرّبين. الا أن الرامق[3] لهذا الداعي أكثر، و هو فيما
بين الناس اشهر، و النفع به أعمّ. و لهذا جاء القرآن العزيز و الاحاديث المطهّرة
مشحونين بالوعد الاخروي من الجنّات و الانهار، و الحور العين و الولدان و ما شاكل
ذلك من النعيم المقيم، ليحث النفوس و يهيّجها على الطاعة فيكون ذلك سلّما و مرقى
الى الدرجة الاولى.