الثانى: حياؤه من الناس، و هو يبعث على كف الاذى و ترك المجاهرة بالقبيح.
روي عنه 7، أنه قال: من تقوى اللّه تقوى الناس.
و روي أن حذيفة بن اليمان (أتى)[1] الجمعة، فوجد الناس قد انصرفوا منها، فتنكّب الطريق[2] و قال: لا خير فيمن لا يستحي من الناس.
و هذا النوع يكون من كمال المروءة و حب الثناء.
قال الشاعر:
و رب قبيحة ما حال بيني
و بين ركوبها الا الحياء
اذا رزق الفتى وجها وقاحا
تقلّب في الامور كما يشاء
الثالث: حياؤه من نفسه، و هو يبعث على العفّة و صيانة الخلوات.
و الباعث عليه علوّ الهمّة، و شرف جوهر النفس.
قال بعض الحكماء: من عمل في السر عملا يستحي منه في العلانية فليس لنفسه قدر.
و قال الشاعر يفتخر بشرف نفسه:
فسرّي كاعلاني و تلك خليقتي
و ظلمة ليلي مثل ضوء نهاري
فمن كمل حياؤه من الوجوه الثلاثة، فقد كملت فيه أسباب الخير، و انتفت عنه أسباب الشر.
و ان اختل منها شيء لحقه من النقص باخلاله أضعاف ما يلحقه من الفضل بكماله.
اللهم ألبسنا ثياب التقى، و أحمنا عن موبقات الردى، و اجعل سعينا فيما تهوى، انك أنت اللطيف الخبير.
[1] كذا ظاهرا و فى نسخة الاصل بياض.
[2] تنكب الطريق: عدل عن الطريق و تجتبه و أقبل نحو غيره.