اسم الکتاب : نور الحقيقة ونور الحديقة في علم الأخلاق المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 207
سامحها في ذلك تشاغل عن الفضائل، فربما تأدى الى الرذائل، و هذه خدعة لا
يرتضيها عاقل.
فينبغى: للّبيب
أن يضبط نفسه عنها، و لا يغلبه حسن الظن بمادحه، فيصدق مدحا هو أعرف بحقيقته، و
لتكن تهمة المادح اغلب عليه، فقلّ مدح جميعه حق، و ثناء كله صدق.
قال الشاعر:
يا تائها
غرّه افراط مادحه
لا يغلبن
جهل من أطراك علمك بك
أثنى و قال
بلا علم أحاط به
و أنت أعلم
بالمحصول من رتبك
و كذلك كره أهل
الفضل أن يطلقوا ألسنتهم بالثناء و المدح تحرزا من التجاوز فيه، و تنزّها عن
التملّق به.
قال علي رضي
اللّه عنه في وصف المتقين: اذا زكي أحدهم قال: اللهم انت أعلم بنفسي منّي، و أنا
أعلم بنفسي من غيري، اللهم اجعلني خيرا مما يحسبون، و اغفر لي ما لا يعلمون، و لا
تؤاخذني بما يقولون[1].
و ربما آل حب
المدح بصاحبه الى ان يصير مادح نفسه، امّا لتوهمه أن الناس قد غفلوا عن فضله، و
امّا ليخدعهم بتدليس نفسه، فيعتقد أن قوله حق مسمّع، و اما ليتلذذ بسماع مدحه حيث
لم يجد له مادحا، كمن يطرب نفسه بصوته، اذا لم يجد له مطربا.
و على كل حال:
فهو الجهل الصريح، و النقص القبيح، لانه يؤدي الى استسخار العقلاء به.
[1] فى نهج البلاغة: اذا زكى احدهم خاف مما يقال له،
فيقول: انا اعلم بنفسى من غيرى و ربى اعلم بى منى بنفسى، اللهم لا تؤاخذنى بما
يقولون و اجعلنى أفضل مما يظنون و اغفر لى ما لا يعلمون.( خطبة همام/ رقم: 191)
اسم الکتاب : نور الحقيقة ونور الحديقة في علم الأخلاق المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 207