ثم انه على قدر
الالفة في الدين اذا ائتلف تكون المبائنة فيه اذا اختلف.
هذا ابو عبيدة
بن الجراح لما أسلم قتل أباه يوم بدر و اتى برأسه الى رسول اللّه فلم يعطفه عليه
رحم و لا كفّه عنه اشفاق، تغليبا للدين على النسب.
ثم انه قد
يختلف أهل الدين الواحد على مذاهب شتى فيحدث بينهم من العداوة ما يحدث بين مختلف
الاديان، و ان خفى شيء من ذلك فلا يخفى ما كان بين المعتزلة- قابلهم اللّه بما
يستحقونه- و بين أهل الحق- رفع اللّه درجاتهم- من المعاداة و البغض، و التعصب و
الحمية، و التشنيع الفضيع، الى أن احق اللّه تعالى الحق بكلماته، و أبطل دابرهم، و
خسر هناك المبطلون.
(الثانى من
اسباب الالفة): النسب، لان حمية الارحام تبعث على التناصر حكمة من اللّه تعالى.
روي عن النبي
7 انه قال: الارحام اذا تماست تعاطفت.
ثم ان الارحام
ثلاثة: و الدون، و مولودون، و متناسبون.
اما الوالدون:
فهم موصوفون مع سلامة حالهم بخلقين، لازم بالطبع و حادث بالاكتساب.
فاللازم
بالطبع: الحذر و الاشفاق.
و الحادث
بالاكتساب: هو المحبة التي تنمو مع الاوقات، و تتغير بتغير الحالات.
فاذا انصرف
الوالد عن حب ولده فليس ذلك لبغضه و لكن لسلوة