اسم الکتاب : نور الحقيقة ونور الحديقة في علم الأخلاق المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 127
و لا بد له من سد خلته، كما قد بيّنّاه آنفا، و ليس هذا نقضا لما قلناه
أولا من الحث على ترك فضولها و زجر النفس عن الرغبة فيها، فان جميع ذلك فيما تجاوز
قدر الحاجة و الا فقد قال اللّه تعالى، لنبيّه 7: «فَإِذا فَرَغْتَ
فَانْصَبْ، وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ»[1].
قال أهل
التأويل: يعني اذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عبادة ربك.
و ليس هذا
القول منه ترغيبا لنبيّه- 7- فيها، و لكنّه ندبه الى أخذ البلغة منها،
و لهذا قال رسول اللّه 7: ليس خيركم من ترك الدنيا للاخرة و لا الاخرة
للدنيا، و لكن خيركم من أخذ من هذه و هذه[2].
و حكى مقاتل:
ان ابراهيم الخليل 7 قال: يا رب الى متى أتردد في طلب الدنيا؟
فقيل له: أمسك
عن هذا؟! فليس طلب المعاش من طلب الدنيا.
و قال سفيان
الثوري: مكتوب في التوراة، يا بن آدم: اذا كان في البيت برّ فتعبّد، و ان لم يكن
فاطلب، يا بن آدم: حرك يدك يسبب لك رزقك.
و قال بعض
الحكماء: ليس الرغبة في الدنيا اكتساب ما يصون العرض فيها.
فوجب بما
بينّاه النظر في أمور الدنيا، و سبر أحوالها، ليعلم أسباب صلاحها و فسادها، فتقصد
الامور من أبوابها.