اسم الکتاب : مفتاح الفلاح – ط جماعة المدرسين المؤلف : الشيخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 784
الأقلام، بل لا يزيده الكشف إلّا سترا و خفاء، و لا يورثه
البيان إلّا غموضا و اعتلاء:
و إن قميصا
خيط من نسج تسعة
و عشرين
حرفا عن معاليه قاصر
اللّهم اكشف
عن بصائرنا الغواشي الجسمانيّة، و اصرف عن ضمائرنا النواشي الهيولانيّة، حتّى لا
نطمح إلى ما سواك بنظر، و لا نحسّ منه بعين و لا
______________________________
عن نفسه في هذه الحالة، و لم يكن له شعور بها، فكيف يقول و الحالة هذه أنا اللّه،
أو أنا الحقّ، أو سبحاني ما أعظم شأني، و ما يجري مجرى ذلك، فانّ هذا التصديق فرع
تصوّر موضوعه، و المفروض أنّه لا شعور له به.
فان قلت: لعلّه
يقول هذا قول اللّه أجراه على لسانه و خلقه فيه، كما يشير اليه ما نقله سابقا عن
الشيخ الشبستري، و عن بعض العارفين انّ لسان جعفر الصادق 7 كان في ذلك
الوقت كشجرة الطور.
قلت: فحينئذ لا
وجه لاستغفارهم و الندامة عنه بعد الافاقة و خفّة السكر، كما نقله عنهم الغزالي في
كلماته السالفة.
و اعلم أنّ
غفلة الانسان عن ذاته في حال من الأحوال ممّا أنكره عامّة المتكلّمين، و قاطبة
القائلين بتجرّد النفس، فانّهم يصرّحون بأنه لا يخلو عن تصوّر ذاته و التصديق
بثبوته في جميع حالاته، حتّى أنّه بعد ما تعطّلت حواسّه الظاهرة و الباطنة بالسكر
لا يعزب ذاته عن ذاته، قالوا: و لا يلزم من تعقّل السكران ذاته حالة السكر أن يبقى
ذلك التعقّل على ذكره بعد الافاقة، و هؤلاء يدعون خلافه، فلعلّ سكرهم حال
استغراقهم في اللّه و صفاته فوق ذلك، كما أنّ أكثر ما ادّعوه طور وراء طور العقل.
قوله: و اصرف
عن ضمائرها النواشي الهيولانيّة.
هذا من شيخنا-
قدّس سرّه- استدعاء للعروج الى سماء الحقيقة، و الوصول
اسم الکتاب : مفتاح الفلاح – ط جماعة المدرسين المؤلف : الشيخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 784