responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفتاح الفلاح – ط جماعة المدرسين المؤلف : الشيخ البهائي    الجزء : 1  صفحة : 329

و تغيير حاله، و إن لم يرشّحه لتغيير ذاته، كالنوى الذي جعل فيه قوّة النخل، و سهّل للانسان سبيلا أن يجعله بعون اللّه نخلا و أن يفسده افسادا.

قال: و الخلق من الانسان يجري هذا المجرى في أنّه لا سبيل له الى تغييره القوّة التي هي السجيّة و الغريزة، و جعل له سبيلا الى اسلاسها، و لهذا قال تعالى‌ «وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها»[1] و لو لم يكن كذلك لبطلت فائدة المواعظ و الوصايا و الوعد و الوعيد و الأمر و النهي.

و لمّا جوّز العقل أن يقال للعبد لم فعلت؟ و لم تركت؟ و كيف يكون هذا في الانسان ممتنعا؟ و قد وجدناه في بعض البهائم ممكنا، فالوحشيّ قد ينقل بالعادة الى التأنّس، و الجامح الى السلاسة، لكنّ الناس في غرائزهم مختلفون، فبعضهم جبل جبلّة سريعة القبول، و بعضهم بطيئة القبول، و بعضهم في الوسط، و كلّ لا ينفكّ من أثر قبول و إن قلّ، و من هنا ما ورد في الأدعية من طلب التوفيق لمكارم الأخلاق و محاسن الأعمال، و في الأحاديث من الأمر بها و الحثّ عليها.

و قيل: أرى أنّ من منع من تغيير الخلق، فانّه اعتبر القوّة نفسها، و هذا صحيح، فانّ النوى محال أن ينبت الانسان منه تفّاحا، و من أجاز تغييره فانّه اعتبر اظهار ما في القوّة الى الوجود، و امكان افساده باهماله نحو النوى، فانّه ان يتفقّد فيجعل نخلا، و أن يترك مهملا حتّى يفسد، و هذا أيضا صحيح، فإذن اختلافهما بحسب اختلاف نظريّهما.

و هذا الدعاء كما ترى صريح الدلالة على امكان تغييره و اسلاسه، و لكن بفضل اللّه و حسن توفيقه، كما قال اللّه تعالى‌ «فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ»[2] و اللّه الموفّق و المعين.


[1] سورة الشمس: 10.

[2] سورة آل عمران: 159.

اسم الکتاب : مفتاح الفلاح – ط جماعة المدرسين المؤلف : الشيخ البهائي    الجزء : 1  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست