فأقمنا فيها
خمسة أيّام لقطع المصالح، و إذا سورها ما فيه صالح، ننتهز فيها الفرص، و نتجرّع من
الخوف الغصص.
شعرا
حبّذا
عيشنا الذي زال عنّا
حبّذاك
الحبيب لا حبّ ذاذا
قد رمينا
من الزمان بسهم
صائب مذ
أحلّنا بغذاذا
بلدة تمطر
المصاب على الناس
كما تمطر
السماء الرذاذا
و خرجنا منها
قبل العصر، كما خرج موسى من مصر، ثمّ وصلنا بلدة بعقوبا، فأقمنا فيها سبعة أيّام
عند الصدور، في منزل أناس واسعي الدور و الصدور، و أحقّ الناس بالصدور، و أحسنهم
في حالتي الورود و الصدور، فأجملوا في الخدمة المفصّلة المفضّلة كلّ الإجمال، بما
يقصر عنه التفصيل و الإجمال، ثمّ أنفقوا لنا زاد المسافر، فكانوا كما قال الشاعر:
و نكرم
ضيفنا ما دام فينا
و نتبعه
الكرامة حيث مالا
ثمّ لم نزل و
السير و الإقامة دائبين، إلى زيارة الأربعين، و فيها كان انفصالنا عن المملكة
العراقية، و اتّصالنا بالمملكة الكرديّة فاتّصلنا بالسلطان محمود، ثاني ذلك اليوم
المحمود، فبالغ في الأدب و اللطافة، و أحسن لنا الضيافة، ثمّ أرسل معنا أخاه دليلا
و مهيمنا و كفيلا، فأوصلنا إلى محمّدي السلطان، فكان شأنه أحسن ما ذكرنا