اسم الکتاب : الأربعون حديثا المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 416
و باطنه و سرّه و
علانيته، فالمراد- و اللّه أعلم- إنّي إذا أحببت عبدي جذبته الى محلّ الانس، و
صرفته الى عالم القدس، و صيّرت فكره مستغرقا في أسرار الملكوت، و حواسّه مقصورة
على اجتلاء أنوار الجبروت، فتثبت في مقام القرب قدمه، و يمتزج بالمحبّة لحمه و
دمه، الى أن يغيب عن نفسه، و يذهل عن حسّه، فتتلاشى الأغيار في نظره، حتّى أكون له
بمنزلة سمعه و بصره، كما قال من قال:
جنوني فيك لا يخفى
و ناري منك لا تخبو
فأنت السمع و الأبصار
و الأركان و القلب
يبطش بها: بالكسر و
الضمّ أي يأخذ بها. و أصل البطش الأخذ بالعنف و السطوة.
و هذا الحديث صحيح
السند، و هو من الأحاديث المشهورة بين الخاصّة و العامّة. و قد رووه في صحاحهم
بأدنى تغيير هكذا:
قال رسول اللّه 6: إنّ اللّه تعالى قال: من عادى لي وليّا فقد آذنته
بالحرب، و ما تقرّب اليّ عبدي بشيء أحبّ ممّا افترضت عليه. و ما يزال عبدي يتقرّب
اليّ بالنوافل حتّى احبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر
به، و يده التي يبطش بها، و رجله التي يمشي بها. إن سألني لأعطينّه، و إن استعاذني
لاعيذنّه. و ما تردّدت في شيء أنا فاعله تردّدي في قبض نفس المؤمن، يكره الموت و
أكره مساءته و لا بدّ له منه[1].
تبصرة [تأويلات تردّد
الباري تعالى]
ما تضمّنه هذا الحديث
من نسبة التردّد إليه سبحانه يحتاج الى
[1] صحيح البخاري: ج 8 ص 131 كتاب الرقاق، مسند أحمد بن حنبل: ج
6 ص 256.
اسم الکتاب : الأربعون حديثا المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 416