اسم الکتاب : الأربعون حديثا المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 313
أنّه بمرأى من سيّده و
مسمع لكان ملوما عند الناس و مقصّرا فيما يجب عليه من خدمة سيّده و مالكه، فما
ظنّك بسيّد السادات و مالك الأملاك، و الى هذا أشار 7 بقوله: «إنّه
ليران على قلبي و إنّي لاستغفر بالنهار سبعين مرّة» و بقوله: «حسنات الأبرار سيئات
المقرّبين»[1] هذا ملخّص
كلامه خصّه اللّه بإكرامه.
و قد اقتفى أثره القاضي
الفاضل البيضاوي في شرح المصابيح عند شرح قوله 6:
«إنّه ليغان على قلبي و إنّي لاستغفر اللّه في اليوم مائة مرّة» قال: الغين لغة في
الغيم، و غان على كذا: أي غطّى عليه.
قال أبو عبيدة في معنى
الحديث: أي يتغشّى قلبي ما يلبسه.
[- توجيه الأصمعي
لقوله 6: «انّه ليغان على قلبي»]
و قد بلغنا عن الأصمعيّ
أنّه سئل عن هذا الحديث فقال للسائل: عن قلب من تروي هذا؟ فقال عن النبيّ 6 فقال: لو كان غير قلب النبيّ 6 و
سلّم لكنت افسّره لك.
[- ثناء البيضاوي على
توجيه الأصمعي لمعنى الحديث]
قال القاضي: و للّه درّ
الأصمعي في انتهاج منهج الأدب و إجلاله القلب الذي جعله اللّه موقع وحيه و منزل
تنزيله. و بعد فانّه مشرب سدّ عن أهل اللسان موارده، و فتح لأهل السلوك مسالكه. و
أحقّ من يعرب أو يعبّر عنه مشايخ الصوفية الذين بارك الحقّ أسرارهم، و وضع الذكر
عنهم أوزارهم، و نحن بالنور المقتبس من مشكاتهم نذهب و نقول: لمّا كان قلب النبيّ
6 أتمّ القلوب صفاء و أكثرها ضياء و أعرفها عرفانا، و
كان 6 معيّنا مع ذلك لتشريع الملّة و تأسيس السنّة،
ميسّرا غير معسّر، لم يكن له بدّ من النزول الى الرخص، و الالتفات الى حظوظ النفس
مع ما كان ممتحنا به من أحكام البشريّة،