اسم الکتاب : الأربعون حديثا المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 112
و لا يخفى أنّ حمل
الخبرين على جفاف الأعضاء أبعد من هذا، فإنّ السائل قال في الأوّل: «يمسح قدميه
بفضل رأسه» و في الثاني: «أمسح بما في يدي من الندى» و غفلة مثل ذلك الشيخ الجليل
عن هذا عجيب، لكن الجواد قد يكبو و الصارم قد ينبو.
ثمّ في حمل الخبر
الأوّل على التقيّة نوع خفاء، لأنّ العامّة لا يمسحون القدمين لا ببقيّة البلل و
لا بماء جديد فكيف يحمل على التقية، تأمّل[1].
تأصيل فيه تفصيل [في
وجوب مسح الرجلين]
ما تضمّنه هذا الحديث
من مسح الرجلين هو مذهب الإمامية، و قد أخذوه عن أئمّتهم المعروفين، و وصل اليهم
بالنقل المتواتر أنّهم عليهم السّلام ما زالوا يفعلون و يأمرون شيعتهم بفعله، فعن
غالب بن هذيل قال:
سألت الإمام أبا جعفر
محمد بن عليّ الباقر عليهما السّلام عن مسح الرجلين فقال: نعم هو الّذي نزل به
جبرئيل 7[2]. و عن أبي
عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق 7 أنّه قال: يأتي على الرجل
[1] وجه التأمّل: أنّ المحمول على التقية ليس هو سؤال السائل بل
جواب الإمام 7 و ظاهر أنّ عدوله 7 عن التلفّظ بالجواب الى
الإيماء قرينة على التقية، إذ ليس من دأبهم عليهم السّلام الإجابة عن المسائل
الدينيّة بالإيماء، و لعلّ إيماءه 7 برأسه في المرة الأولى كان المراد
به نهي السائل عن هذا السؤال و تنبيه على حضور بعض المخالفين، فلم يفهم ما أراده
7 فكرّر السؤال و قال أبماء جديد، فسمع المخالف الحاضر هذه اللفظة فقط
فحملها على مسح الرأس فانّه هو المذكور في ذهن المخالفين. فأشار الإمام برأسه نعم
لأجل التقية و مثل هذا كثير في المحاورات و أيضا فالقول بأنّ العامّة لا تمسح
القدمين ليس على إطلاقه فانّهم يمسحون على الخفّين فيمكن حمل التقية على ذلك.( منه
دام ظلّه).