انت و ينبغي ان يمكث
قليلا بعد قيام الجماعة فان فيه فوائد و آداب له و لهم: منها ان كان في نفس احدهم
بقايا سؤال تأخر و منها ان كان لأحد به حاجة قد صبر عليها حتى فرغ يذكرها له و
منها عدم خفقان النعال خلفه و منها عدم ركوبه بينهم ان كان يركب و ينبغي ان ينصب
لهم نقيبا فطنا يرتب الحاضرين و من يدخل عليه على قدر منازله و يوقظ النائم و ينبه
الغافل و يأمر بسماع الدروس و الأنصاف اليها لمن لا يعرف و كذلك ينصب لهم رئيسا
آخر يعلّم الجاهل و يعيد درس من اراد و يرجع اليه في كثير مما يستحي ان يلقى به
العالم من مسئلة او درس فان فيه ضبطا لوقت العالم و اذا قام من مجلسه فينبغي له ان
يقول سبحانك اللهم و بحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك و اتوب اليك سبحان ربك
رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد للّه رب العالمين و رواه جماعة من
فعل النبي 6 و في بعض الروايات ان الثلاث آيات كفارة
المجالس، و كما يستحب للعالم يستحب لكل قائم.
الفائدة
السادسة في آداب المتعلم و هي أمور: أولها ان يحسن نيته و يطهر قلبه من الأدناس
ليصلح لقبول العلم و حفظه، و ان يغتنم التحصيل في أيام الشباب و قبل الإتسام
بالعلم و الفضل، قال بعضهم تفقهوا قبل ان تسودوا و في الخبر مثل الذي يتعلم العلم
في الصغر كالنقش على الحجر، و مثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء
و هذا بإعتبار الغالب و لا ينبغي لمن كبر ان يمنع نفسه عن الطّلب فانّ فضل اللّه
واسع، و قد اشتغل جماعة من السلف في حال كبرهم ففقهوا و صاروا أساطين في الدين و
مصنّفين في الفقه و غيره.
و ثانيها ان
يقطع ما قدر عليه من العوائق الشاغلة و العلائق المانعة عن تمام الطلب و كمال
الإجتهاد و يرضى بما تيسر من القوت و بما يستر مثله من اللباس و ان كان خلقا،
فبالصبر على ضيق العيش ينال سعة الحلم و يجمع شمل القلب عن متفرقات الآمال لينفجر
عنه ينابيع الحكمة و الكمال، قال بعض السلف لا يطلب احد هذا العلم بعز النّفس
فيفلح و لكن طلبه بذل النفس و ضيق العيش و خدمة العلماء أفلح، و قال بعضهم لا ينال
هذا العلم الا من عطّل دكانه و خرب بستانه و هجر اخوانه و مات أقرب الى اهله فلم
يشهد جنازته، و هذا كله و ان كان فيه مبالغة فالمقصود انّه لا بد فيه من جمع القلب
و اجتماع الفكر، و بالغ بعض المشايخ لبعض تلامذته اصبغ ثوبك حتى لا يشغلك فكر
غسله، و من أقوى موانع الطّلب للتزويج فينبغي تركه ايام التحصيل لأنه فلمّا يجتمع
مع العلم حتى قال بعضهم ذبح العلم في فروج النساء، و عن ابراهيم بن أدهم من تعود
أفخاذ النساء لم يفلح، يعني اشتغل بهن عن الكمال، و في المثل السائر لو كلّفت بصلة
ما فهمت مسئلة، و لا يغتر الطالب بما ورد في النّكاح من التّرغيب فان ذلك حيث لا
يعارضه واجب أولى منه و لا واجب أضيق من العلم سيّما في هذا الزمان فانّه كما قيل
و ان وجب على الأعيان