قلت ان القرآن بحر واسع
ظاهره انيق و باطنه عميق قد اشتمل على انحاء الكلام و التعبيرات الواقعة في كلام
العرب المتداولة فيما بينهم من المجاز و الكناية و الاستعارة و إطلاق السبب على
المسبب و عكسه و لا يميز مواقع كلامه تعالى بعضها عن بعض الا منم خاطبه اللّه به و
اطلعه على جميع معانيه، و ليس هو الا النبي 6 و امره اللّه
سبحانه بان يعلّمه اهل بيته المعصومين عليهم السّلام و يجب على الناس ان يرجعوا
اليهم في اخذ علوم القرآن، فهذه الالفاظ الموهمة انما هي موهمة عندنا و ليس نحن
مما خوطبنا به حتى يلزم الاغراء بما له ظاهر و اريد خلاف ظاهره، و الذين خوطبوا به
قد فهموا معانيه منه تعالى من غير ابهام، و لذا سمّاهم تراجمة وحيه، و ليس هذا الا
من باب ان يكون سلطان له رعية لا يفهمون كلامه فيجعل بينهم و بيه مترجما في تفهيم
كلام ذلك السلطان للرعية فهو يخاطب المترجم و يفهمه ما اراد و المترجم يفهم الرعية
معنى كلام السلطان، فليس للرعية ان يعترضوا و يقولوا ان هذا السلطان قد خاطبنا بما
لا نفهم لانه لم يخاطبهم بل خاطب المترجم، و ليس لهم ايضا ان يأتوا الى كلام الملك
و يحاولوا فهم معناه لعدم قابليتهم لفهمه لانه رموز و كنايات بينه و بين من وجه
الخطاب اليهم فربما فهموا من كلامه غير ما اراد كما اتفق في تفاسير الجمهور من حمل
كلام الباري سبحانه على المحامل التي ارادوها بآراعهم الفاسدة.
و من هذا ذهب
بعض مشائخنا المحققين الى ان القرآن كله متشابه بالنسبة الينا لا يجوز لنا ان
نتكلم في محكمه على ما هو الظاهر منه، حتى انه قد سأله بعض الافاضل و انا كنت من
الحاضرين في مسجد الجامع من شيراز فقال له ما تقول في قل هو اللّه احد فانها آية
محكمة ظاهرة الدلالة على معناها، فأجابه بأنّ الاحد ما معناه و ما مبدء اشتقاقه و
ما الفرق بينه و بين الواحد، و اطال الكلام في مثل هذا و طبق عليه ما روى من قوله
7 من فسّر القرآن برأيه فقد كفر، فان ظاهره شمول كلّ آياته و لما انتهى
بنا الحال الى هنا فلا بأس بتحقيق هذا المقام و لم نر من حققه سوى شيخنا شيخ
الطائفة طاب ثراه في تفسير التبيان و هذا كلامه.
و اعلم ان
الرواية ظاهرة في اخبار اصحابنا في ان تفسير القرآن لا يجوز الا بالاثر الصحيح عن
النبي 6 او عن الائمة عليهم السّلام الذين قولهم حجة كقول
النبي 6 و ان القول فيه بالرأي لا يجوز، و روت العامة ايضا عن
النبي 6 انه قال من فسّر القرآن برأيه فأصاب الحق فقد اخطأ و
كره جماعة من التابعين و فقهاء المدينة القول في القرآن بالرأي كسعيد بن المسيب و
عبيدة السلماني و نافع بن محمد بن القسم و سالم بن عبد اللّه و غيرهم و رووا عن
عائشة انها قالت لم يكن النبي 6 يفسّر القرآن الا ان يأتي به
جبرئيل 7 و الذي نقوله في ذلك انه لا يجوز ان يكون في كلام اللّه تعالى
و كلام نبيه 6 تناقض و تضادّ و قد قال تعالى إِنَّا
جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا، و قال بلسان