responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 219

قلت هذه الاخبار مجملة، و قد روى في هذا المعنى اخبار مفصلة منها ما روى في تفسير قوله تعالى، وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ‌ الاية ان الولد اذا كمل له اربعة اشهر في بطن امه بعث اللّه ملكين خلّاقين فيقتحمان في بطن امه من فمها فيصلان الى الرحم، و فيها الروح القديمة المنقولة في اصلاب الرجال و ارحام النساء، فينفخان فيها روح الحياة و البقاء و يشتقان له السمع و البصر و سائر الجوارح، ثم يوحي الى الملكين اكتبا عليه قضائي و قدري و اشترطا لي البداء فيما تكتبان فيرفعان رؤوسهما فاذا اللوح يقرع جبهته و فيه صورته و رؤيته و اجله و ميثاقه شقيّا أو سعيدا و جميع شأنه، فيملى احدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح و يختمان الكتاب و يجعلانه بين عينيه و الحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة.

و منها ما رواه شيخنا الكليني طاب ثراه عن الباقر 7 قال أن اللّه تبارك و تعالى عالم بما غاب عن خلقه فما يقدّر من شي‌ء و يقضيه في علمه قبل ان يخلقه و قبل ان يقضيه الى ملائكته فذلك علم موقوف عنده اليه فيه المشيئة فيقضيه اذا اراد و يبدو له فلا يقضيه فأمّا العلم الذي يقدّره اللّه عز و جل و يقضيه و يمضيه فهو العلم الذي انتهى الى رسول اللّه 6 ثم الينا و نحو ذلك من الاخبار الدالة على ان علمه سبحانه نوعان منه، ما علّمه ملائكته و رسله لتسعى به في ما بين السموات و الارض فذلك لا يكون فيه محو و لا اثبات و لا تغيير و لا تبديل، و علم استأثر به في أم الكتاب و هو اللوح المحفوظ الذي تدخل فيه انواع التغييرات و المحو و الاثبات.

فان قلت اذا كان ذلك العلم مما يتغير لزم التغير في علمه القديم فيلزم التغير في الذات لانها عين العلم، قلت ذلك المتغير هو العلم الذي ابرزه الى القلم و اللوح المحفوظ و كتبا فيه لا العلم الذي هو عين الذات، بل انما يقع التغيير و التبديل في العلوم المكتوبة في الدفاتر الالهية بسبب العلم القديم الذي علم به الاشياء قبل وجودها، و اما العلم القديم الذاتي فلا يقال له تقدير و لا حكم و لا مكتوب، نعم اذا برز الى الوجود الخارجي اتصف بهذه الصفات، كما ان السلطان اذا علم انه يصنع غدا في ملكه الفعل الفلاني فقبل امره به و ابرازه الى الوجود لا يتصف بالقضاء و الحكم و الامر نعم يتصف بالتقدير لمكان التروي و التفكر في حقه لا في حق اللّه سبحانه.

فصار الحاصل ان الذي كتبه القلم و ختم عليه و قوله جرى القلم بما فيه علوم تداخلها المشيئة و التغيير لمكان المصالح بل و بما وقع المحو و الاثبات في العلوم الخارجة الى الانبياء كما قال امير المؤمنين 7 لو لا آية في كتاب اللّه لاخبرتكم بما كان و ما يكون الى يوم القيامة و هي قوله تعالى‌ يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ‌ و كما وقع في شأن الذي اخبر عيسى 7 بموته فلما كان الغد و لم يمت، قال له الحواريون يا روح اللّه لم يمت فقام معهم اليه فرأى الرجل حاملا حزمة حطب، فقال له ضعها في الارض فلما وضعها قال له حلّها فحلها فرأى فيها حية سوداء عاضة

اسم الکتاب : الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست