فأجاب 7 بما
حاصله ان الارواح قد توافقت و ائتلفت في العالم الاول و تناكرت و اختلفت فيه ايضا،
و نسيت احوال ذلك العالم بما حصل لها من الاشتغال، بعلائق هذه الابدان لكن اذا
نظرت الى من الفته في العالم القديم تشوقت اليه و عرفته معرفة ما و مالت بالالفة
اليه، و اذا رأيت من تناكرت معه في ذلك العالم لم تنعطف عليه في هذا العالم، و لم
خالطته المخالطة التامة و المعاشرة الطويلة، و من هذا ما وقع في الاخبار الخاصة في
سبب الحزن و الفرح من غير سبب يعرفه الانسان و حاصله كما قال 7 ان
الانسان يكون له أخ و محب بعيد عنه و يصل اليه اسباب الحزن و الفرح على بعده و
الروح من هيهنا يصير لها نوع من الاطلاع على حزن ذلك الاخ البعيد و فرحه فتفرح و
تحزن في مكانها و السبب غير معروف في الظاهر، و من ثمّ اذا كان لبعض الارواح علاقة
شديدة مع البعض الاخر يكون الحزن و الموت الذي يحيط بتلك النفس البعيدة معلوما
بالمنام او غيره لهذه النفس فاذا ضبط التاريخ كان وقت الاطلاع هنا موافقا لوقت
الوقوع هناك، و له اسباب اخرى ايضا يأتي بيانها في نور الفرح و السرور ان شاء
اللّه تعالى و الدالّ على ذلك كلّه قوله 6 الارواح جنود
مجنّدة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف و هذا حديث مستفيض رواه العامة
و الخاصة و جعلوه هو المراد من هذه المقالة.
قال ابن الاثير
مجنّدة أي مجموعة كما يقال الوف مؤلفة و معناه الإخبار عن مبدأ كون الارواح و
تقدمها على الاجساد انها خلقت اول خلقها على قسمين من ائتلاف و اختلاف كالجنود
المجموعة اذا تقابلت و تواجهت، و معنى تقابل الارواح ما جعلها اللّه من السعادة و
الشقاوة و الاخلاق في مبدأ الخلق، يقول ان الاجساد التي فيها الارواح تلتقي في الدنيا
و تأتلف و تختلف على حسب ما خلقت عليه، و لهذا ترى الخيّر يحبّ الاخيار و يميل
اليهم، و الشرير يحبّ الاشرار و يميل اليهم.
و روى عن
الباقر 7 قال ان العباد اذا ناموا خرجت ارواحهم الى السماء فما رأت
الارواح في السماء فهو الحق و ما رأت في الهوى فهو الاضغاث الا و ان الارواح جنود
مجندة فما تعارف منها ائتلف، و ما تناكر منها اختلف فاذا كانت الروح في السماء
تعارفت و تباغضت فاذا تعارفت في السماء تعارفت في الارض، و اذا تباغضت في السماء
تباغضت في الارض و حيث عرفت مثل هذا فلا بأس بمعرفة احوال الطينة لانها مناط فوائد
كثيرة.