responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 147

بقي الكلام في الكسوفات يخبر بها المنجمون و ان سببها اما حيلولة القمر أو حيولة الارض و يتفق على ما يقولون و قد عرفت ان المرتضى (ره) مع كونه قد ذهب الى انكار علم النجوم و انها لا حقيقة له كالسحر، قال بحقيّة قولهم في الكسوفات لكنه اخرجها من قواعد النجوم و ادخلها في طريقة الحساب، و هذا لا اشكال فيه انما الاشكال في ان الوارد عن الائمة عليهم السّلام في سبب الكسوفات هو ادخال الشمس و القمر و رميهما في ذلك البحر تبعا لرمي الفلك فيه عند معاصي العباد و ارادة اللّه تعالى ان يهدهم و يستعتبهم و يمكن التوفيق بما عرفت من ان النجوم و اوضاعها علامات على الافعال الصادرة من القادر المختار فيجوز ان يكون وقت هذه الحيلولة هو علامة الغضب و ارادة تهديد العباد، فيقارنه القاء الفلك في ذلك البحر لان بعض علامات غضب اللّه سبحانه معلومة من الشرع فلتكن هذه مستندة الى العقل و الحدس، و اللّه اعلم بحقائق غيبه.

بقي الكلام في بيان ان علم النجوم اذا كان من اشرف العلوم فلم ورد النهي البليغ من صاحب الشرع بالخوض فيه و عن تعلمه و تعليمه و تصديق العالم به حتى قال من صدّق منجما فقد كذّب بما انزل اللّه على محمد قلت الحكم و المصالح موجودة قطعا و ان خفى اكثرها عنا و لعل ما ندركه بهذه العقول القاصرة أمور.

احدها ان من أعظم معجزات الانبياء عليهم السّلام هو الإخبار بالمغيبات، فاذا فتحنا باب جواز تعلّم النجوم و أخبر المنجم بما هو غائب عن الحواس مستقبل المجي‌ء في الاوقات صغرت معجزات الانبياء و الائمة عليهم السّلام في الانظار خصوصا عند عوام الناس، و ثانيها ان الخوض في هذا العلم يؤل الى اعتقاد التأثير كما مرّ تحقيقه في كلام الاصحاب لان النجوم عندهم ناطقة حية يرون هذه الاثار تترتب على اوضاعها فينجرّ بهم الحال الى تأثيرها، و قد عرفت أنه كفر و لا ريب ان ما يؤدي الى الكفر حرام قطعا.

و ثالثها انك قد عرفت أنه علم شريف و لا تحتمله عقول اكثر الناس و لا حواصلهم فربما ذهبوا الى دعوى الامور الفاسدة من النبوة و الامامة كما اتفق لبعض المنجمين من ذوي العقول الناقصة بسبب تلك الاخبارات و نحوها، و رابعها انه يرفع التوكل على جناب الحق و يؤل الى ابطال قضاء اللّه و قدره و محوه و إثباته مع انه كل يوم في شأن و خامسها ان الذي وقع الى ايدي الناس من علم النجوم انما هو الحثالة[1] منه التي لا ينتفع منها بشي‌ء، و هذه الحثالة كثيرا ما يغلط المنجمون فيها و قد شاهدنا جماعات كثيرة من المنجمين و من يعمل باحكامهم في تعب عظيم‌


[1] الحثالة بالضم: ما يسقط من قشر الشعير و الارز و التمر و كل ذي قشارة اذا نقى و حثالة الدهن ثفله فكأنه الردئ من كل شي‌ء.

اسم الکتاب : الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست