و من ذلك ما رواه ابو
بكر بن مردويه الحافظ عندهم باسنادهم الى ابي سعيد الخدري ان النبي 6 يوم دعا الناس الى غدير خم امر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقمّ و ذلك
يوم الخميس ثم دعا الناس الى علي 7 فأخذ بضبعيه فرفعها حتى نظر الناس
الى بياض إبط رسول اللّه 6 لم يتفرقا حتى نزلت هذه الاية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً، فقال رسول اللّه 6 اللّه اكبر على اكمال
الدين و رضى الرب برسالتي و الولاية لعلى 7 ثم قال اللهم من كنت مولاه
فعلي مولاه اللهم والي من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و أخذل من خذله
الحديث و كذلك رواه ابو سعيد مسعود بن نصار الحافظ السجستاني و من ذلك ما رواه ابن
المغازلي في كتابه ايضا باسناده الى ابي هريرة قال من صام يوم ثماني عشرة من شهر
ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا و هو يوم غدير خم لما أخذ النبي 6 بيد علي بن ابي طالب فقال أ لست أولى بالمؤمنين من انفسهم، قالوا بلى يا رسول
اللّه قال من كنت مولاه فعلي مولاه فقال عمر بن الخطاب بخ بخ لك يا ابن ابي طالب
اصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، فأنزل اللّه تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً، و لو استقصينا الاخبار التي نقلها الجمهور في باب يوم الغدير
لافضى الى تطويل الكتاب.
و اما التأويل
فقد قاله اكثر محققيهم، و حاصله ان المولى قد ورد في اللغة لمعان منها الناصر، و
منها المحب و منا الاولى من كل أحد كما يقال مولى العبد و حينئذ فقوله 6 من كنت مولاه فعلي مولاه أي من كنت ناصره فعلي ناصره فلا يستلزم
الاولوية المطلقة و الجواب عن هذا ظاهر فان هذا القول منه 6
انما صدر بعد ان قال للناس أ لست اولى بكم من انفسكم كما في الروايات من العامة و
الخاصة، و حينئذ فقوله 6 من كنت مولاه فعليّ مولاه منزّل على
تلك الاولوية لانتظامها معها في سياق واحد مع ان هذا المعنى الذي قالوه لا يحتاج
الى هذا التأكيد العظيم في ذلك الحر الشديد، و ليس هو من خصائص علي 7
لانه يجب على كل مؤمن ان يجب و ينصر من أحبه و نصره رسول اللّه 6.
و لو سلّمنا
انه اراد الناصر كما زعمتم فالنصرة لا يمكنه اجراؤها الا اذا رجعت الامور اليه و
كان هو الخليفة، حتى يتمكن من نصر من نصره النبي 6، و لا كان
يدع عثمان يخرج ابا ذر من المدينة و يفعل ما فعل، و كذلك من تقدمه من المتخلفين و
لكن باب التأويل واسع و لو فرضت ان النبي 6 نص على علي 7 بأصرح من هذه الالفاظ لامكن تأويلها، و حيث انجرّ الكلام الى هنا فلنذكر
الصلوة على محمد و آله و كذا لعن اعدائهم.