اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 540
لسألتك الطلاق، و لو علمه عبدك لسألك
العتاق، و لو علمه أبوك لهان عليه الفراق. عبدي إن جئتني تقول: أسأت أقول: لك و
أنا قد غفرت، و إن قلت:
تبت أقول: و أنا قبلت» انتهى. ثم ذكر مصداق هذا القسم الثالث فقال:
قل اللّه ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.
قلت: المراد بالقول في هذا المقام القول القلبي أي: اذكر اللّه على
الأشياء كلها تفن و لم يبق إلا مولاها، ثم اترك الناس في وهمهم يلعبون، و من جملة
الأشياء النعم التي يتجلى بها، فإذا ذكر اللّه عليها غاب في شهوده عنها، و استغنى
به عن كل ما سواه. قال الشبلي رضي اللّه تعالى عنه: الشكر رؤية المنعم لا رؤية
النعمة.
و قال أبو محمد الجريري رضي اللّه تعالى عنه: من رأى النعم و لم ير
المنعم فقد حجب عن الشكر، و من رأى المنعم بغيبة النعم فقد شكره، انتهى. تنبيه:
كثيرا ما يستدل الصوفية بهذه الآية على الانقطاع إلى اللّه و الغيبة عما سواه، و
هو تفسير إشارة لا تفسير معنى اللفظ، لأنها نزلت في الرد على اليهود حيث قالوا: ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: 91]، فقال لهم الحق تعالى:
قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى [الأنعام: 91]، فلما لم يجيبوا قال اللّه تعالى لنبيه: قل اللّه،
أي: قل لهم أنزله اللّه، ثم لا تجادلهم، بل ذرهم في خوضهم يلعبون، و الصوفية رضي
اللّه عنهم يقرون الظاهر على ظاهره و يقتبسون إشارات خفية، لا يعرف مقصودهم غيرهم،
و لذلك رد عليهم بعض المفسرين حيث لم يعرف قصدهم:
قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا
[البقرة: 60]، و أما ذكر هذا الاسم باللسان مجردا ففيه ثلاثة أقوال: أحدها الجواز
مطلقا. و الثاني الكراهة مطلقا، و الثالث التفصيل، يجوز لأهل النهايات دون أهل
البدايات، و المشهور الأول، و عليه طريق الشاذلية، و من تعلق بهم، و اللّه تعالى
أعلم. و لما استدل بما في كتابنا ذكر ما في كتاب من قبلنا، فقال:
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 540