responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 504

و إن كنت ذا علم و لم تك عاملا

فأنت كذى نعل و ليس به رجل‌

جوادك مسبوق إلى كل غاية

و هل ذو جواد ري‌ء يسبقه البغل‌

و قد ذيلتها ببيت تكميلا للأقسام فقلت:

و إن كنت ذا علم و حال و همّة

جوادك سباق يصح له الوصل‌

فإذا حصل المريد ما يحتاج إليه في بدايته من إتقان طهارته و صلاته و صومه، فليشتغل بطاعة ربه، و يعرض عما يشغله عنه، كما أبان ذلك بقوله:

267- و المشتغل به هو الذي أحببته و سارعت إليه، و المشتغل عنه هو المؤثر عليه.

قلت: أل موصولة في الموضعين: أي الذي تشتغل به في جميع أوقاتك و تصرف إليه كليتك هو الحبيب الذي تسارع إليه، و أفضل أشغالك ذكره، و ليكن ذكرا واحدا و قصدا واحدا تبلغ مرادك إن شاء اللّه، و الذي تشتغل عنه: أي تغيب عنه هو المؤثر عليه بفتح الثاء: أي هو الذي تركته و آثرت حب اللّه عليه. و الحاصل: أن الذي تشتغل به و تقصده هو الذي أحببته و سارعت إليه، و الذي تغيب عنه هو الذي تركته و آثرت حب اللّه عليه، فلا جرم أن اللّه يبلغك ما تريد: «إنّ اللّه يرزق العبد على قدر همته‌[1]»، و أنشدوا:

إذا العبد ألقى بين عينيه عزمه‌

و أعرض عن كل الشواغل جانبا

فقد زال عنه العار بالعزم جالبا

عليه قضاء اللّه ما كان جالبا

و قيل: إن علامة الصادق ألا يرضى بدون الغاية أبدا مع أن الغاية لا تدرك أبدا. و قال الفضيل:

من رأيتموه و كلامه حكمة، و صمته فكرة، و نظره عبرة فلا تهتموا منه، فإنه قد قطع عمره في عبادة، و سلوكه أبدا في زيادة، و من رأيتموه يطيل الأمل، و يسي‌ء العمل، فاعلموا أن داءه عضال انتهى. و أعظم ما يشتغل عنه المريد و يغيب عنه حب الدنيا فإنه سم قاطع، و لا يمكن السير إلى اللّه إلا بصفاء القلوب مع بقاء شي‌ء منها، و قليلها ككثيرها.


[1] - رواه ابن عدي في الكامل( 4/ 184)، و أبو نعيم في الحلية( 10/ 73).

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 504
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست