اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 502
الحب، و بساطه بغض الدنيا و أهلها، و ثمرته
الوصول إلى المحبوب. ثم بين فكرة البداية و النهاية فقال:
264- الفكرة فكرتان: فكرة تصديق و إيمان، و فكرة شهود و عيان.
قلت: فكرة أهل التصديق و الإيمان هي سير القلب في ميادين الأغيار،
فهم يتفكرون في المصنوعات، ليتوصلوا إلى معرفة الصانع و قدرته و علمه و حياته و
غير ذلك من سائر صفاته، و هم الذين قال اللّه فيهم:
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: 3]، و فكرة أهل
الشهود و العيان هي سير الروح في ميادين الأنوار، قد انقلبت الأغيار في حقهم
أنوارا، و الدلائل مدلولات، و الغيب شهادة، و هم الذين أطلعهم اللّه على سر قوله
تعالى: قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [يونس: 101]. ثم بيّن حال الفريقين فقال:
[فالأولى لأرباب الاعتبار].
قلت: الفكرة الأولى و هي فكرة تصديق و إيمان لأصحاب الاعتبار، و هم
أهل الاستدلال يستدلون بالصنعة على الصانع، و هم السائرون إلى اللّه بأنوار
التوجه. [و التّانية لأرباب الشّهود و الاستبصار].
قلت: الفكرة الثانية و هي فكرة شهود و عيان، هي لأرباب الشهود و الاستبصار لأنهم
ترقوا من شهود الدليل إلى المدلول، و من الأثر إلى المؤثر، و من الأغيار إلى شهود
الأنوار، و من الفرق إلى الجمع، و من الملك إلى الملكوت، فما يشهدون إلا أنوار
الملكوت تدفقت و انصبت من بحار الجبروت، فهم غرقى في بحار الأنوار، مطموس عنهم
وجود الآثار، فإن ردوا إليه[1] رأوه
قائما باللّه و من اللّه و إلى اللّه، فما أعظم قدرهم عند اللّه، و في مثلهم قال
القائل:
هم
الرجال و غبن أن يقال لمن
لم
يتصف بمعاني وصفهم رجل
حققنا اللّه بما حققهم به آمين. هذا آخر الباب الخامس و العشرين، و
بها ختمت الأبواب، و ما بقي إلا المراسلات و المناجاة.