responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 455

233- العلم إن قارنته الخشية فلك، و إلا فعليك.

قلت: لأن العلم الذي تصحبه الخشية يمنع صاحبه من الغفلة و أسبابها، و يزهده في كل ما يشغل عن العمل به، و يرغبه في كل ما يقربه إلى ربه فيكون عونا له على الوصول إلى معرفة اللّه، و القرب من ساحة رضاه، فإن لم تقارنه الخشية كان و بالا عليه، لأنه حينئذ حجة عليه، لأن المعصية مع العلم أقبح من المعصية مع الجهل، و في الحديث عنه صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: «ويل للجاهل مرة، و ويل للعالم إذا لم يعمل عشر مرات‌[1]»، ذكره الغزالي. و مثله قول الشيخ أبي الحسن رضي اللّه تعالى عنه في حزبه الكبير: فالويل لمن لم يعرفك، بل الويل ثم الويل لمن أقر بوحدانيتك و لم يرض بأحكامك. فإن قلت: قد ورد في بعض الأحاديث: أنه يغفر للعالم أربعين ذنبا، قبل أن يغفر للجاهل ذنبا واحدا قلت: قد يجاب بأن الحديث الأول ورد في من مات مصرّا من العالم و الجاهل، فإن عذاب العالم أكثر، لأنه قد ورد أنه يجر قصبه في النار و يدور في رحى بجهنم، بخلاف الجاهل لم يرد فيه هذا، و الحديث الثاني فيمن تحققت توبته منهما، فإن العالم بيده مصباح العلم يستدرك به ما فات أكثر من الجاهل إذا تاب، فقد يجبر العالم من الخلل في شهر ما لا يجبره الجاهل في سنة أو أكثر. و الحاصل: أن الأول في العالم و الجاهل إذا ماتا مصرين، و الثاني فيهما إذا تابا و أصلحا، و اللّه تعالى أعلم. و قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي:

العلم كالدنانير و الدراهم، إن شاء اللّه نفعك بها، و إن شاء ضرك بها. و قال في لطائف المنن:

فشاهد العلم الذي هو مطلوب اللّه تعالى من عباده الخشية للّه، و شاهد الخشية موافقة الأمر، أما علم تكون معه الرغبة في الدنيا، و التملق لأربابها، و صرف الهمة لاكتسابها، و الجمع و الادخار، و المباهاة و الاستكبار، و طول الأمل و نسيان الآخرة، فما أبعد من هذا علمه من أن يكون من ورثة الأنبياء :، و هل ينتقل الشي‌ء الموروث إلى الوارث إلا بالصفة التي كان بها عند الموروث؟ و مثل من هذه الأوصاف أوصافه من العلماء كمثل الشمعة تضى‌ء على غيرها و هي تحرق نفسها، جعل اللّه العلم الذي علمه من هذا وصفه حجة عليه، و سببا في تكثير


[1] - ذكره العجلوني في كشف الخفاء( 2/ 463)، بنحوه.

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 455
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست