responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 307

قال الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه: إذ لو لا ستره عن المعاصي ما كنت مطيعا، و لو لا ستره فيها لكنت مهانا عند الخلق و مخصوصا بالمقت بينهم، وَ لَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ‌ [الصافات: 57]، فالخلق كلهم إنما يتعاملون بينهم بستر مولاهم، و لو خلّى عبده من ستره لأبغضه أحب الناس إليه، و لآذاه أشفق الخلق عليه، و لأهلكه أرأف الخلق به، و للّه در القائل:

يظنّون بي خيرا و ما بي من خير

و لكنّني عبد ظلوم كما تدري‌

سترت عيوبي كلّها عن عيونهم‌

و ألبسنتي ثوبا جميلا من السّتر

فصاروا يحبّوني و ما أنا بالذي‌

يحبّ و لكن شبّهوني بالغير

فلا تفضحنّي في القيامة بينهم‌

و كن لي يا مولاي في موقف الحشر

و لما بلغت الإذاية كل مبلغ من حبيب اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ما زاد على أن قال: «لا غني لي عن عافيتك، عافيتك أوسع لي‌[1]» الحديث انتهى. و سيأتي التقسيم في شهود الخلق في حالة النعم، و أن الناس على ثلاثة أقسام: قوم عوام لا يشهدون إلا الخلق، و قوم خواص لا يشهدون إلا الخالق، و قوم خواص الخواص يشهدون الخالق في الخلق، و الموسوط في الوسطة، فيعطون كل ذي حق حقه كما يأتي مبينا إن شاء اللّه. و إذا تحققت أن الذي أكرمك هو الذي ستر عيوبك و غطى مساوئك، بعد اطلاعه على خفاياها، و علمه بخباياها، فاتخذه صاحبا، و كن له مراقبا، ودع الناس جانبا، كما نبه عليه بقوله:

135- ما صحبك إلا من صحبك و هو بعيبك عليم، و ليس ذلك إلا مولاك الكريم.

قلت: و إذا علمت أنه ليس لك صاحب إلا مولاك فاعرف حقيقة صحبته، و الزم الأدب في ظاهرك و باطنك، و استحي منه أن يراك حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك. و في الحديث عنه صلى اللّه عليه و آله و سلم أنه قال لأصحابه:


[1] - لم أقف عليه.

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 307
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست