اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 291
تأنف منه، بل تستحليه و تغتبط به، و كذلك
الفقر و الضعف و الجهل، و سائر أوصاف العبودية تتحقق بوجودها في ظاهرك حتى يكون
ذلك شرفا عندك.
و كان شيخ شيوخنا سيدي علي رضي اللّه تعالى عنه يقول: أهل الظاهر
يتنافسون في العلو أيهم يكون أعلى من الآخر، و أهل الباطن يتنافسون في الحنو أيهم
يكون أحنى من الآخر انتهى بالمعنى. و قال الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه: أوصاف
الربوبية أربعة: تقابلها أربعة هي أوصاف العبودية: أولها: الغنى، و يقابله الفقر.
الثاني: العز، و يقابله الذل. الثالث: القدرة، و يقابلها العجز.
الرابع: القوة، و يقابلها الضعف. و كل هذه متلازمة، إن وجد واحدها
وجد جميعها، و وجود المقابل ملزوم بوجود مقابله. فمن استغنى باللّه افتقر إليه، و
من افتقر إلى اللّه استغنى به، و من تعزز باللّه ذل له، و من ذل له تعزز به، و من
شاهد قدرته رأى عجز نفسه، و من رأى عجز نفسه شاهد قدرة مولاه، و من نظر ضعف نفسه
رأى قوة مولاه، و من رأى قوته علم ضعف نفسه، لكن إن كان البساط النظر لأوصافك فأنت
الفقير إلى اللّه، و إن كان البساط النظر إلى أوصافه فأنت الغني باللّه، و هما
يتعاقبان على العارف، فتارة يغلب عليه الغنى باللّه، فتظهر عليه آثار العناية، و تارة
يظهر عليه آثار الفقر إلى اللّه فيلتزم الرعاية، فحين غلب الغنى باللّه على حبيب
اللّه أطعم ألفا من صاع، و حين غلب عليه الفقر إلى اللّه شد الحجر على بطنه من
الجوع فافهم أ. ه. قلت: و التحقيق ما قدمناه من أن التعلق بأوصاف الربوبية يكون في
الباطن، و التحقق بأوصاف العبودية يكون في الظاهر؛ فالحرية في الباطن على الدوام،
و العبودية في الظاهر على الدوام؛ فحرية الباطن هي شهود أوصاف الربوبية، و هو معنى
التعلق بها، لكن إن كان مجاهدة فهو تعلق، و إن كان طبيعة و غريزة فهو تحقق. أو
تقول: إن كان حالا فهو تعلق، و إن كان مقاما فهو تحقق، و عبودية الظاهر هي شهود
أوصاف العبودية قياما بالحكمة و سترا للقدرة. و الحاصل: أن عظمة الربوبية
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 291