responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 285

معنى كلامه رضي اللّه تعالى عنه: أن جزاء أعمالك ما يليق بأفعالك الناقصة و جزاء الناقص ناقص، فاطلب منه ثمرة فضله فإنه كامل من كل وجه فهو أتم و أكمل، و اللّه تعالى أعلم. و كيف تطلب الجزاء على عمل لست له فاعلا، و لا علمت كون القبول له حاصلا؟ كما أشار إليه بقوله:

122- لا تطلب عوضا على عمل لست له فاعلا، يكفي من الجزاء لك على العمل أن كان له قابلا.

قلت: قد تقرر عند أهل الحق أن العبد مجبور في قالب مختار، فليس له فعل و لا اختيار، و إنما الفاعل هو الواحد القهار، قال تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ، [القصص: 68]، و قال تعالى: وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ‌ [الصافات: 96]، و قال تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ‌ [العنكبوت: 29]، و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «كلّ شي‌ء بقضاء و قدر حتى العجز و الكيس‌[1]»، أي النشاط. و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «كلّ ميسّر لما خلق له، فأمّا من كان من أهل السعادة فسييسّر لعمل أهل السعادة، و أمّا من كان من أهل الشقاوة فسييسّر لعمل أهل الشقاوة، ثمّ قرأ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‌ وَ اتَّقى‌ [الليل: 5][2]». الآيات. فإذا تقرر هذا فكيف يطلب العبد الأجر على عمل ليس هو فاعله، و على تقدير نسبته إليه فالجزاء متوقف على القبول، فمن أين تدري هل يكون مقبولا أم لا؟ و إذا تفضل عليك بالقبول على ما هو عليه من النقص و الخلل؛ فهذا يكفيك في جزائك على العمل، فلولا جميل ستره لم يكن عمل أهلا للقبول، فلو لا أن اللّه سبحانه تفضل على عباده بالعفو و الحلم ما قبل عملا قط؛ إذ تصفية الأعمال كادت أن تكون من المحال، قال اللّه تعالى: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ‌ [الأنعام: 91]، أي عظموه حق تعظيمه،


[1] - تقدم تخريجه.

[2] - رواه البخاري في الأدب المفرد( 1/ 311)، و ذكره ابن كثير في التفسير( 2/ 210).

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست