responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 232

المسيب يقول لولده: إني لأطيل الصلاة من أجلك انتهى. و معناه إني أعبده مخلصا لعله يحفظك، ثم إن مدد الحق، و هو لطفه و إبراره جار على الطائعين في كل وقت و حين، سواء أعطاهم في الحس أو منعهم، و سواء بسطهم أو قبضهم، و هو ظاهر لمن يفهم عن اللّه. كما أشار إليه بقوله:

93- متى أعطاك أشهدك برّه، و متى منعك أشهدك قهره؛ فهو في كلّ ذلك متعرّف إليك و مقبل بوجود لطفه عليك.

قلت: من أسمائه تعالى «اللطيف و الرحيم»، فهو تعالى لطيف بعباده رحيم بخلقه في كل وقت، و على كل حال سواء أعطاهم أو منعهم، و سواء بسطهم أو قبضهم، فإن أعطاهم أو بسطهم أشهدهم بره و إحسانه، فعرفوا أنه سبحانه بارّ بعباده لطيف بخلقه رحيم كريم جواد محسن، فتعظم محبتهم فيه، و يكثر شوقهم و اشتياقهم إليه، و يكثر شكرهم فيزداد نعيمهم، و في هذا مالا مزيد عليه من البر و الإحسان و الجود و الامتنان، و إن منعهم أو قبضهم أشهدهم قهره و كبرياءه، فعلموا أنه تعالى قهار كبير عظيم جليل، فخافوا من سطوته، و ذابوا من خشيته، و خضعوا تحت قهره، فدامت عبادتهم، و قلّت ذنوبهم، و محيت مساوئهم، و اضمحلت خطيئتهم، فوردوا يوم القيامة خفافا مطهرين فرحين مبهجين، إذ لا يجمع اللّه على عبده خوفين و لا أمنين، فمن أخافه في الدنيا أمّنه يوم القيامة، و من أمنه في الدنيا فاغتر أخافه يوم القيامة، كما في الحديث. فلا تتهم ربك أيها العبد في المنع و لا في العطاء؛ فإنه متى أعطاك أشهدك بره و رحمته و كرمه، فعرفت بذلك أنه بر كريم رءوف رحيم، فتتعلق بكرمه وجوده دون غيره، فتتحرر من رق الطمع، و يذهب عنك الغم و الجزع، و تتخلق أيضا بوصف الكرم و الرحمة و الإحسان، فإن اللّه يحب أن يتخلق عبده بخلقه، و في الحديث: «تخلّقوا بأخلاق الرّحمن‌[1]»، و قالت عائشة رضي اللّه عنها: كان خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه‌


[1] - أورده السيوطي في الجامع الصغير( 1/ 217).

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 232
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست