responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 230

الطاعة و تنعم المعرفة، ثم ينبغي لك أيها المريد ألا تقصد شيئا من هذه الأمور التي يجازيك الحق تعالى بها كانت معجلة أو مؤجلة؛ فإن ذلك نقص في إخلاصك، و ناقض لصدق عبوديتك، كما أشار إليه بقوله:

92- من عبده لشي‌ء يرجوه منه أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة عنه فما قام بحقّ أوصافه.

قلت: الناس في عبادة اللّه باعتبار إخلاصهم على ثلاثة أقسام: فمنهم من يعبد اللّه خوفا من عقوبته معجلة أو مؤجلة، أو طمعا في رحمته و حفظه عاجلا و آجلا، و هم عوام المسلمين و فيهم قال 7: «لو لا النار ما سجد للّه ساجد[1]»، و منهم من يعبد اللّه محبة في ذاته، و شوقا إلى لقائه، لا طمعا في جنته، و لا خوفا من ناره و نكاله، و هم المحبون العاشقون من السائرين، و منهم من يعبد اللّه قياما بوظائف العبودية و أدبا مع عظمة الربوبية، أو تقول: صدقا في العبودية و قياما بوظائف الربوبية، و هم المحبون العارفون، فالقسم الأول عبادته بنفسه لنفسه، و الثاني عبادته بنفسه للّه، و الثالث عبادته باللّه للّه و من اللّه إلى اللّه، فمن عبد اللّه تعالى لشي‌ء يرجوه منه في الدنيا أو في الآخرة أو ليدفع عنه بطاعته ورود العقوبة في الدنيا أو في الآخرة فما قام بحق أوصاف الربوبية التي هي العظمة و الكبرياء و العزة و الغنى، و جميع أوصاف الكمال و نعوت الجلال و الجمال، إذ نعوت الربوبية من العظمة و الجلال تقتضي خضوع العبودية بالانكسار و الإذلال، أرأيت إن لم تكن جنة و لا نار، ألم يكن أهلا لأن يعبد الواحد القهار، أرأيت من أنعم بنعمة الإيجاد و الإمداد، أليس أهلا لأن يشكره جميع العباد؟، فمن كان عبدا مملوكا لسيده، لا يخدمه في مقابلة نواله و رفده، بل يخدمه لأجل عبوديته ورقه، و سيده لا محالة يقوم بمؤونته و رزقه، أيبرزك لوجوده و يمنعك من جوده، أيدخلك داره و يمنعك إبراره لقد أسأت الظن بالرب الكريم‌


[1] - لم أقف عليه.

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست