اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 187
الْعَظِيمِ
[البقرة: 105]، و نسخة الشيخ زروق" العباد" بالتخفيف جمع عبد و هي أعم،
قال: و الحكمة في إتيانها بغتة ثلاثة أمور: أحدها: ليعرف منّة اللّه فيها.
الثاني: ليقدّر قدرها، و يعظم الفرح بها. الثالث: الغيرة عليها و
تعزيزها، لأن ما كان من العزيز لا يكون إلا عزيزا انتهى. ثم إن هذه الواردات
الإلهية و المواهب الاختصاصية أسرار من الكريم الغفار لا يمنحها إلا لأهل الصيانة
و الأمانة، لا لأهل الإفشاء و الخيانة، كما أشار إلى ذلك بقوله:
70- من رأيته مجيبا عن كلّ ما سئل[1]،
و معبّرا عن كلّ ما شهد، و ذاكرا لكلّ ما علم، فاستدلّ بذلك على وجود جهله
. قلت: أما وجه جهله في كونه مجيبا عن كل ما سئل، فلما يقتضيه حاله
من الإحاطة بالعلوم، و قد قال تعالى: وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ
الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 85]، فأي جهل
أعظم ممن يعارض كلام اللّه، و لما فيه أيضا من التكلف، و قد قال تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً و
ما أنا من المتكلفين [الشورى: 23]، و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «أنا و
أتقياء أمّتي برآء من التّكلّف[2]»، و لا
يخلو صاحب التكلف من التصنع و التزين، و هو من شأن الجهل باللّه، إذ لو كان عالما
به لاكتفى بعلمه و عرف قدره، ففي بعض الأخبار:
عاش من عرف قدره. و سئل بعضهم عن العلم النافع؟ فقال: أن تعرف قدرك و
لا تتعدى طورك. و قال بعض المحققين: إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله.
و قال في الإحياء: كان السلف الصالح يسأل أحدهم عن المسألة الواحدة،
فيدفع السائل إلى غيره، ثم يدفعه الثاني إلى آخر، ثم كذلك حتى يرجع إلى الأول. و
كان بعضهم إذا سئل عن مسألة يقول للسائل: اذهب بها إلى
[1] - بالمطبوع" يسأل" و الصواب ما أثبتنا
كما يتضح مما بعده.