اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 181
الرجال، و من حرم الأدب فهو بعيد من حيث يظن
القرب، مردود من حيث يظن القبول. و قال بعضهم: الزم الأدب ظاهر و باطنا، فما أساء
أحد الأدب ظاهرا إلا عوقب في الظاهر، و ما أساء أحد الأدب باطنا إلا عوقب في
الباطن.
و قال في المباحث الأصلية:
و
الأدب الظّاهر للعيان
دلالة
الباطن في الإنسان
و
هو أيضا للفقير سند
و
للغنيّ زينة و سؤدد
و
قيل من يحرم من هذا الأدب
فهو
بعيد ما تدانى و اقترب
و
قيل من تحبسه الأنساب
فإنّما
تطلقه الآداب
فالقوم
بالآداب حقّا سادوا
منه
استفاد القوم ما استفادوا
و قال أبو حفص السرّاج رحمه اللّه: و الناس في الآداب على ثلاث
طبقات:
أهل الدنيا، و أهل الدين، و أهل الخصوصية من أهل الدين. فأما أهل
الدنيا فأكثر آدابهم في البلاغة و أخبار الملوك و أشعار العرب، و أما أهل الدين
فأكثر آدابهم حفظ العلوم، و رياضة النفوس، و تأديب الجوارح، و تهذيب الطباع، و حفظ
الحدود، و ترك الشهوات، و اجتناب الشبهات، و المسارعة إلى الخيرات، و أما أهل
الخصوصية من أهل الدين، فآدابهم حفظ القلوب، و مراعاة الأسرار، و استواء السر و
العلانية. فالمريدون يتفاضلون بالعلم، و المتوسطون بالآداب، و العارفون بالهمم
انتهى. ثم ما ذكره الشيخ من لزوم الجهل للمريد مقيد بما ذكره من احتجاجه لنفسه و
مدافعته عنها، لأنه في هذه الحالة صاحب جدل لتركيبه المقدمة و النتيجة، و عليه يفهم
قولهم" ما ألهم قوم الجدل إلا حرموا العمل". و أما لو اعترف بإساءته و
أنصف من نفسه لم يكن ذلك في حقه جهلا و لا جهالة. و قد قالوا: عدم الأدب إن كان
يجر إلى الأدب فهو أدب، و اللّه تعالى أعلم. و من جملة الآداب ألا يستحقر مقاما
أقام الحق تعالى فيه عبدا من عباده كائنا ما كان كما أشار إليه بقوله:
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 181