responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 151

56- النّور جند القلب، كما أنّ الظّلمة جند النّفس، فإذا أراد اللّه أن ينصر عبده أمدّه بجنود الأنوار، و قطع عنه مدد الظّلم و الأغيار.

قلت: الظلمة: نكتة تقع من الهوى في النفس عن عوارض الوهم، فتوجب العمى عن الحق لتمكن الباطل من الحقيقة، فيأتي العبد و يذر على غير بصيرة، قاله الشيخ زروق. قلت: قد تقدم أن النفس و العقل و القلب و الروح و السر أسماء لمسمى واحد، و هو اللطيفة الربانية النورانية المودعة في هذا القالب الجسماني الظلماني، و إنما اختلفت أسماؤها باختلاف أحوالها، و تنقل أطوارها، و مثال ذلك كماء المطر النازل في أصل الشجر، ثم يصعد في فروعها فيظهر ورقا، ثم نورا و أزهارا، ثم يعقد ثمرة، [ثم‌[1]] ينمو حتى يكمل، فالماء واحد، و اختلفت أسماؤه باختلاف أطواره. هكذا قال الساحلي في بغيته. و قد نظمت في ذلك قصيدة ذكرت في غير هذا الكتاب، فعلى هذا يكون تقابل القلب مع النفس بالمحاربة كناية عن صعوبة انتقال الروح من وطن الظلمة التي هي محل النفس إلى وطن النور، الذي هو القلب و ما بعده، فالقلب يحاربها لينقلها إلى أصلها و هي تتقاعد و تسقط إلى أرض البشرية و شهواتها، فالقلب له أنوار الواردات تقربه و تنصره حتى يترقى إلى الحضرة التي هي أصله، و فيها كان وطنه و كأنها جنود له من حيث إنه يتقوى بها و ينتصر على ظلمة النفس. و هذه الأنوار هي الواردات المتقدمة، و النفس لما ركنت إلى الشهوات و استحلتها صارت كأنها جنود لها، و هي ظلمة من حيث إنها حجبتها عن الحق و منعتها من شهود شموس العرفان، فإذا هاجت النفس بجنود ظلماتها و شهواتها إلى معصية أو شهوة رحل إليها القلب بجنود أنواره، فيلتحم بينهما القتال، فإذا أراد اللّه عناية عبده و نصره، أمد قلبه بجنود الأنوار، و قطع عنه من جهة النفس مدد الأغيار،


[1] - ما بين‌[] سقط من المطبوع.

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست