responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اللطائف الالهية فى شرح مختارات من الحكم العطايية المؤلف : الكيالي، عاصم إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 65

الحكمة الرابعة عشرة[1]: «ما بسقت أغصان ذلّ إلّا على بذر طمع».

شرح الحكمة: بسقت أي: طالت و بسقت النخلة إذا طالت، قال تعالى:

وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ‌ [ق: 10] أي طويلات. و الأغصان: معروفة و هي جمع غصن، و هي ما تشعب عن جذع الشجرة. و البذر: هو الحب الذي يزرع في الأرض.

و الطمع: هو ميل النفس إلى الشي‌ء و تعلقها به و حرصها عليه.

و قالوا في معنى الطمع أيضا: هو تعلق القلب بما في أيدي الخلق و تشوفه إلى غير مولاه سبحانه و تعالى.

فيكون معنى الحكمة لا تغرس بذر الطمع في قلبك فتخرج منه شجرة الذل و تتشعب أغصانها.

و الطمع من أعظم آفات النفس لأنه أصل الذل للخلق و هو ينافي العزة المشار إليها بقوله تعالى: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ‌ [المنافقون: 8] فهو ينافي حقيقة الإيمان و يقدح في العبودية للّه تعالى، لأنه يصرف الهمة عن التعلق باللّه و الثقة به و الاعتماد و التوكل عليه تعالى إلى التذلل إلى الخلق و اعتقاد أنهم ينفعونه و أن الخير و اصل إليه منهم و في ذلك ذله من عدة وجوه، منها: شكه في قدرة اللّه تعالى المتعلقة في المقدور، و منها: تملقه للمطموع فيه، و منها: استشعاره الخيبة و المهانة عند الطلب، و منها: بذله ماء وجهه عند مواجهة المطلوب منه. و في ذلك من المذلة ما لا يخفى.

قال أحد العلماء باللّه تعالى: «أيها الرجل ما قدر لما ضغيك أن يمضغاه فلا بد أن يمضغاه، و يحك فكله بعز و لا تأكله بذل».

و قال الشيخ أبو الحسن الوراق رحمه اللّه تعالى: «من أشعر في نفسه محبة شي‌ء من الدنيا فقد قتلها بسيف الطمع، و من طمع في شي‌ء ذلّ له، و بذلّه هلاكه». و قال الشيخ ابن عطاء اللّه في كتابه التنوير في إسقاط التدبير: «و تفقد وجود الورع من نفسك أكثر مما تتفقد ما سواه، و تطهر من الطمع في الخلق، فلو تطهر الطامع فيهم بسبعة أبحر ما طهره إلا اليأس منهم و رفع الهمة عنهم».


[1] - و رقمها( 60) في النص الكامل للحكم.

اسم الکتاب : اللطائف الالهية فى شرح مختارات من الحكم العطايية المؤلف : الكيالي، عاصم إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست