اسم الکتاب : اللطائف الالهية فى شرح مختارات من الحكم العطايية المؤلف : الكيالي، عاصم إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 60
و إنّ عيوب الإنسان كثيرة؛ منها ما هو نفسي
و منها ما هو قلبي و منها ما هو روحي.
و إن عيوب النفس و أمراضها منها ما هو ظاهر جلي كحب الشهوات الدنيوية
من مأكل و مشرب و ملبس و مركب و مسكن و منكح، و يدخل فيها الغيبة و النميمة و الغش
و الكذب و غير ذلك.
و منها ما هو باطن خفي، و يسمى بالأمراض القلبية كحب التسلط على
الخلق بالرياسة و حب العز و الجاه و المداهنة و الكبر و العجب و الرياء و الحسد و
الحقد و غير ذلك.
و أما العيوب المنسوبة إلى الروح، فهي تعلقها بالحظوظ الباطنية كحب
الاطلاع على المغيبات و الأسرار الملكوتية و طلب الكرامات و المقامات و غير ذلك.
فالإنسان العاقل هو الذي يتطلع و يتشوف إلى الاشتغال بعيوبه النفسية
و القلبية و الروحية، فيعمل جهده في التخلص منها، فيقوم بحقوق عبوديته للّه تعالى،
فإن هذا خير له من التطلع و التشوف إلى ما حجب عنه من غيوب الملكوت، لأن اشتغاله
بذلك يمنعه من القيام بحقوق الربوبية للّه تعالى و في ذلك قال العارفون باللّه
تعالى:
«كن طالب الاستقامة و لا تكن طالب الكرامة، فإن نفسك تدفعك لطلب
الكرامة، و مولاك يطالبك بالاستقامة، و لأن تكون بحق ربك أولى من أن تكون بحظ
نفسك».
فنسأل اللّه تعالى أن يجعلنا ممن يهتم بعيوب نفسه فيعمل على تطهيرها
من الأخلاق الرديئة بدلا من الاهتمام بما حجب عنا من مغيبات لنتحقق بقوله تعالى: