responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 96

(قلت) و لعل مراده رحمه اللّه بالرحمة التي دخلت قلبه فتح باب سؤاله ربه أن يرضى عنهم لا التحجير على الحق تعالى في غضبه عليهم، فإن الكامل من شأنه أن يغضب لغضب الحق و يرضى لرضاه عز و جل، و قد كان حبيب هذا رحمه اللّه معدودا عند التابعين ممن غلبت عليه أحوال الفقراء و أرباب الأحوال لا يقتدى بأفعالهم عند أهل الطريق، فإن اللّه تعالى أرحم بعباده من حبيب هذا و اللّه أعلم.

و كان منصور بن محمد رحمه اللّه تعالى يرحم الرجل أن يأمره بأمر و يقول أخاف أن يخالف أمري فيأثم و يقع في العقوبة و أكون أنا السبب، و كان سفيان بن عيينة رحمه اللّه تعالى يقول: لو لا أن يأثم الناس في لقلت أن من يغتابني و يذمني أحب إلى ممن مدحني لأن المادح لي قد يكذب، و قد كان شقيق البخلي رحمه اللّه تعالى يقول: من لم يرحم الرجل السوء فهو أسوأ حالا منه، و من ذكر عنده رجل صالح فلم يجد لذكره حلاوة فهو رجل سوء.

و كان ميمون بن مهران رحمه اللّه تعالى إذا سمع بقوم ظلموا في بعض أقطار الأرض يمرض لأجلهم حتى يصير يعاد كما تعاد المرضى، فإذا قيل له: قد فرج اللّه عنهم يزول مرضه لوقته، و قد كان ثابت البناني رحمه اللّه تعالى إذا سأله أحد حاجة يصير لا يصلي صلاة إلا دعا له في سجوده حتى تقضى حاجته، و قد رد شريك رحمه اللّه تعالى نملة فارسية رآها في سفرته من مقدار أربعة فراسخ رحمة لها، و كان رحمه اللّه تعالى يفت الخبز للنمل و يذر لهم الدقيق على بيوتهم.

و كان أبو الدرداء رحمه اللّه تعالى يشتري العصافير الصغار التي تمسكها الأطفال و يرسلها إلى عشها و كذلك الأمهات يرسلها إلى أولادها إذا صيدت، قلت: و ليس هذا من باب تسييب السوائب و إنما كان الغرض رحمة الأم أو الولد و اللّه أعلم، و كان معاوية إذا سأله أحد في حاجة فقضى بعضها يحس بتخفيف الهم بقدرها من شدة ارتباطه بإخوانه رحمه اللّه تعالى اه.

ففتش يا أخي في نفسك هل وجدت شيئا من ذلك لأجل إخوانك و ابك على نفسك حيث لم يكن لك نصيب في مقام الصالحين، و الحمد للّه رب العالمين.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست